-A +A
حسين شبكشي
لم يكن قرار السعودية بوقف استيراد أو السماح بمرور المنتجات الزراعية اللبنانية بعد الكشف عن محاولة تهريب كمية مهولة جدّاً من الحبوب المخدرة المحظورة عالمياً داخل إحدى شحنات من فاكهة الرمان القادمة من لبنان. لم يكن القرار مفاجئاً أبداً وخصوصاً إذا أخذنا في عين الاعتبار أن أكثر من 70 % من إجمالي الكميات التي تم كشف محاولة تهريبها من المخدرات منشؤها من لبنان حصرياً. وعملية استخدام المخدرات كسلاح مدمر وفتاك ضد الدول ليس بالمسألة الجديدة، فلقد قامت بريطانيا بإغراق الصين بالأفيون لأجل السيطرة على تجارة الشاي فيها، وإنهاك الصين اقتصادياً، وهناك الإغراق الممنهج لشتى أنواع المخدرات الذي مارسته إسرائيل ضد مصر في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي أو ما مارسته عصابات المافيا الكولومبية بحق الولايات المتحدة الأمريكية.

واليوم ليس سرّاً حجم السيطرة والنفوذ الذي يتمتع به تنظيم مليشيا حزب الله الإرهابي التكفيري على الأراضي اللبنانية بما في ذلك الحدود البرية والمطار الدولي والمرفأ البحري بالإضافة إلى القرار السياسي للدولة (أو ما بقي فيها)، والكل يعلم علاقة الاتجار بالمخدرات بمنظومة التمويل السفلية لتنظيم الحزب، والكل يعلم وبالاسم عشرات الأشخاص المدانين بتجارة المخدرات، ولكن يمنع إلقاء القبض عليهم لأنهم باختصار تحت حماية مسلحة من حزب الله نفسه. عداوة تنظيم حزب الله الإرهابي التكفيري للسعودية ليست بالجديدة، فالحزب يعلن ذلك في كل مناسبة على لسان زعيم المليشيا نفسه حسن نصرالله، الذي لم يتوانَ عبر السنوات الماضية في إرسال عملائه وتدريب الإرهابيين للقيام بتنفيذ مختلف الأعمال الإرهابية في الداخل السعودي وصولاً لإرسال العتاد والأفراد إلى اليمن لإدارة هجمات الحوثي ضد السعودية.


محور الرمان في حركته الأخيرة لم يثبت عداءه ضد السعودية فحسب، ولكنه وجه رصاصاً قاتلاً في قلب الاقتصاد الزراعي للبنان، ضربة ستدمر حياة المئات من المزارعين والمعنيين بهذا القطاع الحيوي والمعتمد كليّاً على التصدير. بتاع الرمان تحول من رمز المقاومة بالنسبة إلى الشعب اللبناني إلى تاجر مخدرات وخراب بيوت للناس كما وصفته إحدى اللبنانيات في تعليقها على حظر التصدير للمنتجات الزراعية اللبنانية. وصف صادق وبسيط ومباشر يختزل المشهد كله.