** أشعر بمتعة كبيرة في متابعة «حيوات» الناس.. وسير حياتهم.. وقصص كفاحهم.. وصور معاناتهم المختلفة..
** ولذلك فإنني كبير الحرص على اقتناء كتب السير.. والذكريات.. والمذكرات.. وعظيم الحفول بما يصلني منها من إهداءات..
** وفي الأسبوع الماضي تلقيت مكالمة ثم كتاباً أنيقاً من أخي وصديقي الأستاذ عبدالرحمن محمد السدحان، أمين عام مجلس الوزراء بعنوان (قطرات.. من سحائب الذكرى) حفل بالكثير من صور الكفاح.. لصبي وجد نفسه ومنذ طفولته المبكرة بعيداً عن أبويه..
** فقد باعدت الحياة بينهما وافترقا ليعيش الأب القادم من نجد في منطقة عسير أولاً ثم جازان ثانياً ثم الطائف ثالثاً وتحيا الأم العسيرية في ربوع منطقتها.. ويهيم هو على وجهه متنقلاً بين أبويه.. يسوقه الحنين إلى الأب تارة.. ويرجعه إلى الأم مرة أخرى..
** حيث يدفعه الشوق والحنين لأبيه إلى الرحيل بحثاً عنه عبر الفيافي.. والقفار.. فوق ظهر جمل.. ولأكثر من خمسة أيام.. مليئة بالجوع.. وقسوة المعاناة.. ومرارة الفراق.. وغموض المستقبل المجهول..(!!)
** ثم إذا انتقل الوالد إلى الطائف.. وجد الصبي نفسه.. يلهث وراءه.. قاطعاً الطريق إليه من أبها.. وسط مخاطر جمة..
** هذا الصبي (التعيس) بطفولته.. (الكبير) بعصاميته.. وتصميمه.. وقوة إرادته.. وباعتماده على نفسه.. وبإصراره على إثبات وجوده.. رغم قسوة الظروف وتعاسة البدايات.. هو الان.. أمين عام مجلس الوزراء.. في بلدي..
** لقد عرفت أبا محمد.. كاتباً..
** ثم عرفته أكثر من خلال عملنا معاً كعضوين في مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين تحت رئاسة سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز..
** ثم عرفته من خلال تواصلنا بعد ذلك.. كأصدقاء قلم.. يجمعنا حب وطن واحد..
** ولذلك.. فإن سعادتي بكتابه هذا.. لم تكن سعادة باكتشاف حياة إنسان عصامي فحسب، نحت مستقبله في الصخر.. وإنما لأنه يقدم أيضاً نموذجاً رائعاً لشبابنا الذين يتعجلون الوصول -في هذه الأيام- إلى أهدافهم.. فيتعثرون كثيراً.. وقد لا يصلون في النهاية..
** فشكراً لك يا أبا محمد..
** ودعوة صادقة من الأعماق لكل شبابنا وشاباتنا.. بأن يتعلموا كيف يكون الوصول إلى الأهداف ممتعاً بعد شقاء..
* فاصلة :
** «لا طعم للحياة.. ولا متعة للتفوق.. إن هما لم يقترنا بمعاناة..».
hhashim@okaz.com.sa
أخبار ذات صلة