رغم ما قاله الدكتور احمد نوفل في الحلقة الماضية من انه لا بد من اجراء دراسات وافية للأماكن التي يعتقد أنها من الممكن ان تكون موقع أهل الكهف الذي ورد في القرآن الكريم, إلا ان الدكتور "محمد وهيب" المتخصص في علم الآثار في الأردن أكد على صحة موقع أهل الكهف الموجود في عمان حيث قال في لقائه مع "عكاظ": كهف الرقيم الموجود الآن الى الجنوب الشرقي من العاصمة عمان على مسافة حوالى 7 كيلومترات هو عبارة عن كهف ضمن سلسلة من الكهوف بمنطقة كانت تعتبر في العصر الروماني أي ما يعادل القرن الأول والثاني الميلادي أماكن للدفن. وكان القانون الروماني يمنع الدفن داخل المدن وبالتالي كان مسموحا به خارج المدن وعليه فإن كهف الرقيم واحد من هذه المدافن الرومانية القديمة التي استخدموها، وكانت عمان التي كان اسمها في ذلك الوقت "فيلادلفيا" والكهف ليس وحيدا ولكنه متميز وهذا الذي دفع الى الاهتمام به والتنقيب فيه.
أما بدايات الكشف عن الكهف فكانت عام 1962م ورغم ذلك كان معلوما ومعروفا لدى السكان المحليين من عشائر الشوابكة والحنيطي الذين كانوا يقيمون في هذه المنطقة منذ مطلع القرن الماضي.
والكهف عبارة عن حجرتين، حجرة الدفن وفيها ستة قبور وحجرة ثانية ونسميها نحن حجرة الفجوة أو الفتحة المتصلة في السماء.
والمنقب الحقيقي عن الموقع اسمه رفيق الدجاني وكان ذلك عام 1962م عندما بدأ بالتنقيب والكشف محاولا اثبات ان هذا الكهف هو الكهف الحقيقي بالتعاون مع المجتمع المحلي الذي كان سائدا في ذلك الوقت آخذين بعين الاعتبار محدودية البحث العلمي والأدوات والمستلزمات حيث كانت قد تشكلت دائرة الآثار في ذلك الوقت.
بدأت أعمال التنقيب وكشفت اعمال التحريات عن وجود هذا الكهف المحفور في الصخر الكلسي وايضا يوجد داخل الكهف قطع حجرية مبنية وهذا يعني انه استخدم اسلوبين في بناء الكهف، بناء الحجارة المزخرفة او حفر الصخر الكلسي الصلب لان الجبل كما وصفه الصخري قطعة واحدة من الصخر وهي بيوت منقورة.
والتنقيبات الأثرية كشفت ان هناك حقبا تاريخية داخل الكهف. الحقبة الأولى هي العصر الروماني وهي كانت بدايات الكهف والعصر البيزنطي بعد ان تم تطوير هذا الكهف وزخرفة أجزائه، ثم في العصر الاسلامي بعد ان تم اضافة المساجد عليه ونأتي الى عصرنا الحديث حيث أصبح الكهف محط أنظار كل المهتمين والمتخصصين ووزارة السياحة والآثار الأردنية .
الكهوف الاخرى
والدلائل المؤكدة لحقيقة هذا الكهف كثيرة فهنالك كهوف اخرى حقيقة موجودة، مثلا في سوريا يوجد كهف لكن هذا الكهف ضعيف ومبني عليه مسجد ولا يوجد في داخله قبور وهنالك كهف آخر موجود في تركيا في مدينة افسوس وايضا هذا الكهف زاره مجموعة من المتخصصين والذين اعرفهم في مجال علم الآثار خاصة الدكتور فوزي زيادين وقالوا ان اتجاه الكهف والقبور الكثيرة المتناثرة في داخله وطريقة بنائه لا تنسجم ولا تتفق مع ما ذكره الرحالة والمؤرخون، وكذلك مع أوصاف الكهف التي وردت في القران الكريم .
هنالك كهف في اليمن ايضا وهو ضعيف جدا، وهنالك ايضا عدة كهوف منتشرة في اوروبا ولكن علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ان كهف الرقيم أو كهف النيام يختلف عن قصة كهف الفتية السبعة لان كثيرا من الخيال نسج حول النيام السبعة، فلذلك تختلف قصة الكهف التي وردت في القرآن الكريم عما يتداوله الناس من قصص ومن مغامرات بخصوص نيام كان عددهم سبعة، إذن علينا التفريق بين القصة الحقيقية وبين الكهف الحقيقي وبين الأدب والنثر والقصص التي يتداولها عامة الناس في بلدان عديدة، أما الكهف عندنا في الأردن فأكده المؤرخون المسلمون وبالتالي لدينا كثير مما ذكره ياقوت الحموي والصخري وغيرهم من المؤرخين المسلمين ان الكهف يقع في البلقاء وهي التي كانت تضم عمان في ذلك الوقت، ايضا الاثباتات الأثرية كثيرة ولو قارناها بما ورد في القرآن الكريم سنجدها كثيرة وعديدة وأول هذه الاثباتات ان هذه المنطقة اسمها الرقيم وحولت فيما بعد الى الرجيم لأن العرب القاطنين هناك كانوا يلفظون حرف القاف جيما وبعد ذلك قلبوا الميم الى باء فاصبحت الرجيب وكلمة الرقيم موجودة في هذه المنطقة ومعروفة منذ العصر الأموي في الفترة من 650 الى 750 ميلادي، فنجد مثلا الشاعر "كثير عزة" يذكر هذه المنطقة باسم "الرقيم" وكان هذا الشاعر في زيارة الى الموقر التي بنى فيها الخليفة "اليزيد ابن عبد الملك الثاني" قصرا وطلب من الناس ان يزوروه ويقدموا له التهنئة في "الموقر" أي يأتوه من دمشق ومن بلاد الشام فيصف الشاعر "كثير عزة" هذه المعاناة والسفر الطويل فيقول وخاصة الجمال التي تحمل المسافرين يقول:
يزرن على تنائيه يزيدا
باكناف الموقر والرقيم
اذن هذا بيت الشعر يربط اسم الرقيم بالموقر والموقر هي البلدة المجاورة للرقيم الى الجنوب الشرقي من العاصمة عمان.
مكان مقدس
ايضا من الدلائل الاخرى التي تؤخذ على ان هذا الكهف هو الكهف الحقيقي انه عندما عثر على هؤلاء الفتية "قال الذين غلب على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا" وهنا فسر العلماء وقالوا ان المسجد هو مكان العبادة وهو "صومعة" كان ذلك في العصر البيزنطي وبالتالي فان القران دقيق في ان يصف ذلك المكان بالمسجد أي مكان السجود و لا يقصد به مسجدا للمسلمين، وكشفت التنقيبات فعلا عن وجود صومعة فوق الكهف حولت فيما بعد في العصر الأموي الاسلامي الى مسجد، ايضا عندما آفاق الفتية من نومهم فقالت الآية {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه الى المدينة} والآية هنا دقيقة عندما قالت {المدينة} لم تقل القرية ولم تقل البلدة واقرب مدينة للكهف هي مدينة عمان وكان اسمها في ذلك الوقت "فيلادلفيا" وهي مدينة رومانية ومن مدن الحلف العشر التي كان يطلق عليها اسم الديكابولس وبالتالي فان الآية دقيقة في وصف مدينة بجانب الكهف وهذا هو الأنسب الى الكهف الموجود هنا، ايضا هنالك أدلة اخرى من بينها عدد القبور فعدد الفتية يتناسب مع عدد القبور ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم وبالتالي عدد القبور داخل هذا الكهف ما بين ستة الى ثمانية يعني ممكن ان تكون ستة وممكن ان تكون ثمانية بحسب الفراغات الموجودة وهذا ايضا ينسجم مع الآية القرآنية في عدد الفتية الذين هربوا من المدينة فيلادلفيا الى هذا المكان، ايضا المنطقة المحيطة في الكهف نجد ان كل سكان فيلادلفيا "عمان سابقا" أرادوا الدفن في هذا المكان على اعتبار ان هذا المكان مقدس ومبارك فنجد انتشار مئات الكهوف المقبرية هنا وهناك في محاولة للتقرب من هؤلاء الفتية والتبرك بهم والدفن بجوارهم وهذا ما نجده حقيقة في هذا الجبل الذي يوجد به الكهف والذي اطلق عليه العلماء "جبل انجلوس" وهي مأخوذة من اللغة اليونانية وفي الانجليزية تعني باللغة العربية "جبل الملائكة" وهناك أدلة كثيرة متوفرة هنا وهناك وخاصة من الزخارف الموجودة داخل الكهف والتي ترجع الى العصر الروماني والبيزنطي وهذا ما يؤكد حقيقة ان الكهف يرجع في تاريخه الى القرن الأول والثاني الميلادي.
الاسم تحول من «الرقيم» إلى «الرجيم» ثم «الرجيب»
الـشـمـس.. أكبر الدلائل التي تثبت أنه كهف الرقيم
22 يوليو 2008 - 21:25
|
آخر تحديث 22 يوليو 2008 - 21:25
الـشـمـس.. أكبر الدلائل التي تثبت أنه كهف الرقيم
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جولة: سمر مشخوج