يضرب التاريخ بجذوره في أعماق منطقة جازان التي تكتنز في أعماقها تاريخ وحضارات عظيمة تحكي أمجاد أمم سادت ثم بادت ولم يبق من شواهد ارثها اليوم إلا أهميتها التاريخية وأجزاء بسيطة منها تركت نهبا للإهمال ومن هذه الآثار مدينة وميناء عثر التاريخية .
تشير المصادر التاريخية وتتفق على أنها لعبت دورا حيوياً في التاريخ القديم قبل الإسلام من النواحي السياسية والتجارية والاقتصادية على الرغم أن المصادر التاريخية لم تفصّل الحالة السياسية للموقع قبل الإسلام إلا أنها أشارت أن عثر من أشهر أسواق العرب وهي تعود إلى فترة ما قبل الإسلام، وبها ميناء موجود باستمرار منذ فترات ما قبل الإسلام كما لعبت دورا مهما في العصر الإسلامي وفي النصف الثاني من القرن الرابع الهجري بلغت أقصى شهرتها عندما صك بها ((الدينار العثري)) وأصبح ميناؤها من أنشط الموانئ بعد ميناء جدة.... بيد أن الاختلاف على عثر يكمن في موقعها ومسماها ففي الوقت الذي تشير فيه بعض المصادر التاريخية وتؤكد أنها تقبع على ساحل قوز الجعافرة بمنطقة جازان يذهب البعض إلى أن موقعها على ساحل عمان فيما يشير البعض الآخر أنها في وادي العقيق إضافة إلى الاختلاف على مسماها فبعض المصادر تشير ان اسمها ((عتر )) فيما تؤكد المصادر الأخرى أنها تنطق عثر بتشديد الثاء أو بتخفيفها الأمر الذي يثير عدة تساؤلات وهي: هل موقع عثر هو الذي يقع على ساحل قوز الجعافرة بمنطقة جازان اما أنها تقع على ساحل عمان ؟وهل اسمها يرد عتر ام عثر بتشديد الثاء أو بتخفيفها ؟ وكيف تحولت لميناء هام ودار لسك الدينار العثري ؟
حين نعود للمعاجم نجد أن ثمة خلافاً حول ضبط الاسم فهل اسمها هو عثَّر أم عثَر أم عثْر أي بتشديد الثاء أم تحريكها بالفتح أم بتسكينها فقد قال عنها أبو سعيد: عثر جبل بتبالة ويقال انه من ديار مذحج وقيل عثر بفتح أوله وإسكان ثانيه موضع تلقاء قباء وقال ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان عثر بفتح أوله وتشديد ثانيه وآخره مهملة وقال ابو منصور ان عثر هو مأسدة يعني كثرة الأسود
أما الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى وأبو منصور وياقوت الحموي لم يحددوا.
وعن هذا الاختلاف يقول الباحث الدكتور احمد بن عمر الزيلعي أستاذ التاريخ الإسلامي والآثار بكلية السياحة جامعة الملك سعود إن عثر من المدن الإسلامية التاريخية الشهيرة وأقدم عاصمة للمخلاف السليماني في تاريخه الوسيط وهي ترد بتشديد الثاء أو بتخفيفها ( عثر ) منذ ما قبل العصر الإسلامي ، ولكل وجه من أوجه هذا اللفظ شواهده في الشعر الجاهلي ، وشعر العصر الإسلامي.
اما عن موقعها يضيف د. احمد الزيلعي ترد عثر في المصادر العربية على أنها مخلاف أي إقليم أو ناحية جليلة كما يصفها المقدسي أي أنها تطلق على النصف الشمالي من منطقة جازان الحالية والممتد من مدينة صبيا فشمالا إلى حدود المنطقة مع إمارة عسير من الشمال ، إلا أن الحميري ( ت 727هـ /1327م ) فأبعد النجعة حينما ذهب بعثر إلى ساحل عمان وحينا صحف (( هو أو الناسخ )) ثاءها بتاء مثناة فوقية (( عتر )) بدلا من رسمها الحقيقي بالثاء المثلثة (( عثر )).
ولكن ما تؤكده اغلب المصادر التاريخية والشواهد التاريخية أن عثر هي القابعة على ساحل قوز الجعافرة بمنطقة جازان كما ترد بوصفها محطة من محطات طريق الحج والتجارة اليمني الى مكة المكرمة وأول ذكر لها من قبل الجغرافيين العرب ورد عند أبي إسحاق الحربي (ت 285هـ 898م ) الذي يورد مسار هذا الطريق بقوله : ومن جازان إلى بيش ، ومن بيش الى عثر ، ومن عثر إلى ضنكان. ويبدو التشويش واضحا في نص الحربي اذا ان بيش وعثر اسمان لموقع واحد تقريبا فالاسم الأول يطلق على الوادي او على الامتداد الداخلي للمكان ، والثاني يطلق على الساحل أي على موقع مدينة عثر الساحلية.
اختلف المؤرخون حول موقعها واسمها
عثر أقدم أسواق العرب قبل الاسلام
6 يونيو 2008 - 21:00
|
آخر تحديث 6 يونيو 2008 - 21:00
عثر أقدم أسواق العرب قبل الاسلام
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جولة: طه طواشيتصوير: فيصل مهدي