"الخشع" اكثر الاحياء غموضا وعشوائية وسط البلد.. اقيمت منازله القديمة بجهود واجتهادات فردية دون تخطيط جماعي ولهذا تظهر الكثير من نتوءاته وسلبياته المركبة وفي مقدمتها "الغرزة".
بدأت جولتنا في الحي بصحبة المواطن عبداللطيف العسيري وبعد مسيرة قصيرة من منزله طلب منا الصمت ومتابعته وهو يهمس في اذني "ان شاء الله نلقاهم" وكنا حينها نقترب من عمارة مهجورة.. مشرعة الابواب والنوافذ وتنبعث منها روائح نفايات نتنة ولدى وصولنا البدروم "القبو" سألت العسيري عن مغزى زيارته لهذا الموقع فقال هذه غرزة يجتمع السكيرة والمعربدون بعيدا عن الانظار خاصة انها محاطة بشوارع من ثلاث جهات ومهجورة منذ قرابة 20 عاما..
عند دخولنا الى احدى الغرف وجدنا عشرات من قوارير الكلونيا الفارغة وتلالاً من علب الدخان اضافة الى ابر مستخدمة واخرى جديدة اما في الغرفة الاخرى المجاورة لها فقد عثرنا على مخدع جاهز للنوم وحسب العسيري فقد ضبط بها مرارا مجهولون برفقة نساء مجهولات في اوضاع مخلة.
باحثون عن الثراء
في الغرفة الثالثة عثرنا على اسلاك كيابل متناثرة وآثار حرائق لتجريد الاسلاك من اغلفتها البلاستيكية وفي هذا علق المهندس محمد ال مفرح قائلا ثمة هوس لدى عمال التنظيفات ومحترفي السرقات ونابشي النفايات بـ"النحاس" الذي يعتبرونه اسرع الطرق للثراء ولهذا لايتورعون عن سرقته وذلك بسحبه من مدافنه يدويا وآليا حيث يلجأ بعض المختصين في سرقته لسحبه بالسيارات ورغم ان الشرطة تلاحقهم وتطيح بالكثير من عصاباتهم الا انهم يتكاثرون كالنمل وقد تسببوا في تأخير تنفيذ مشروعات الانارة في عدد من الطرق بعد ان نهبوا كيابلها كما لقي بعضهم حتفه صعقا بالتيار الكهربائي اثناء محاولاتهم سرقة كيابل مكهربة.
ولهذا يستطرد العسيري ليس مستغربا ان يتخذ هؤلاء القبو مستودعا لمسروقاتهم من الكيابل.
فاتني ان اذكر عند دخولنا للحي استوقفتنا شلة من الشباب يبدو انهم كانوا يراقبون الداخل الى الحي والخارج منه.. ولاتخلو ملامحهم من "الفتوة"
وكانت سيارتنا علقت في احد الطرق المسدودة لنجد انفسنا امام سيل من الشتائم والتهديدات في حال عدنا لهذا الحي مرة اخرى.
بيوت الحي المهجورة اصبحت هاجسا مؤرقا كما يقول مشبب الاحمري الذي ذكر انه يعاني من كثرة الحشرات والقوارض التي تأتيه من سقيفة مجاورة لمنزله.
واضاف مثل هذه الخرابات المهجورة ليس لها قيمة اثرية تاريخية للمحافظة عليها كما انها لاتصلح للترميم بعد ان تهالكت واضحت اكواما من الطين والحجارة.
اثناء جولتنا استرعى انتباهنا كثرة الحديث من قبل الاهالي عن انحراف القبلة في عدد من المساجد نحو جهة الخليج العربي والذين اشاروا الى ان السبب يعود الى انها اقيمت على انقاض مساجد قديمة كانت قبلتها غير دقيقة الا ان العديد من كبار السن اكدوا صحة القبلة التي تعتمد على مشرق الشمس وغربها بعيدا عن التقنية الحديثة التي اثبتت عكس كلامهم.
وكان هذا الخلاف ظهر في وقت سابق ولازال مستمرا حيث يرفض كبار السن الاجتهادات الفردية من قبل بعض الشباب وبالتالي يرفضون تغيير القبلة.
لجان ميدانية
مع ازدياد دائرة الجدل القائمة منذ فترة طويلة بين فرع وزارة الشؤون الاسلامية وعدد من المواطنين في ابها حول تغيير قبلة عدد من المساجد تم تشكيل لجنة مكونة من قبل الوزارة كانت حددت القبلة الصحيحة وغيرت فرش المساجد الا ان الاهالي اعادوا الفرش الى ما كان عليه اللجنة عادت والتقت المصلين وامام احد المساجد وحاولت اقناعهم ان القبلة التي اعادوا الفرش على اساسها غير صحيحة وانها تم تعديلها بناء على البوصلة المعتمدة من قبل الوزارة غير ان الاهالي اصروا على انها قبلتهم منذ القدم ولن يحيدوا عنها على اية حالة.
الحيطة
العديد من السكان ابدوا عدم قناعتهم بتغيير القبلة التي صلوا عليها زمنا طويلا الا انهم لايزالون يبحثون عن الحقيقة مع الجهات المعنية ليتأكدوا من ان صلاتهم صحيحة وتطمئن قلوبهم لها.
البحث عن الاسباب
واوضح الدكتور عبدالله الحميد مدير عام فرع وزارة الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد في منطقة عسير انه تم تشكيل لجنة لهذه المساجد من قبل الوزارة وقامت كما هو متبع بتعديل الفرش والتنبيه على المصلين بالتقيد به غير انه تمت اعادة القبلة لوضعها الخاطئ في احد هذه المساجد.
واضاف انه تم البحث عن سبب اعادة القبلة الى الاتجاه الخاطئ فتبين ان هناك عدم قناعة من بعض المصلين وقاموا على اثرها بمجهودات شخصية باستخدام بوصلة غير مضبوطة وحددوا على ضوئها القبلة الخطأ لافتا الى ان فرع الوزارة بصدد معالجة الوضع وحول الاجراء المتبع في مثل هذه الحالات قال الحميد انه سيتم اغلاق أي مسجد يثبت ان قبلته على غير الاتجاه الصحيح.
اما في حال كان المسجد تحت اشرافنا فانه لامجال للنقاش ونحن الذين نحدد القبلة قبل بناء المسجد حيث من النادر ان يحدث خطأ في هذا الامر لكن في حال حدث ذلك فاننا نقوم بالتعديل مباشرة ودون تردد.
«الــقبــو » .. منتجع المدمنين ولصوص الكيابل
الـخـشـع مساجد «قبلتها» الخليج
28 أبريل 2008 - 20:20
|
آخر تحديث 28 أبريل 2008 - 20:20
الـخـشـع مساجد «قبلتها» الخليج
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جولة: فهد الرياعي - أبها تصوير: يحيى الفيفي