-A +A
خالد السليمان
مع انحسار تأثير وسائل النشر التقليدية، وتذبذب تأثير وسائل النشر الإلكترونية، وانحدار منصات وسائل التواصل الاجتماعي نحو المزيد من الشعبوية وتدني لغة الحوار وأدب الاختلاف، يتبادر سؤال مهم: ما هي أدوات الرأي المؤتمنة على الوعي اليوم ؟!

فوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي منحت سقفا مرتفعا من حرية الرأي ومساحة واسعة لتبادل الآراء، وكسرت نخبوية صناعة وتشكيل الرأي العام، ومكنت كل صاحب رأي في إيجاد نافذته المستقلة، وكان يمكن أن تكون من أدوات رفع مستوى الوعي والارتقاء بثقافة الحوار، للأسف باتت اليوم معول هدم لا بناء للوعي، وبدلا من أن تكون ساحة لتعدد الآراء وتنوع الأفكار باتت مع تفجر أزمات وصراعات المنطقة ساحة للاستقطاب، وميدانا للإقصاء ومحكمة للتخوين، وبعد أن كان كاتب الرأي يحسب حساب الرقيب الصحفي، بات يحسب حساب رقيب خفي سلاحه ليس شطب الكلمات ومصادرة الرأي، بل شطب الأفكار نفسها ومصادرة الهوية، وبات البعض في وسائل التواصل يحمل في يده صكوك الغفران الدينية ومفاتيح الجنة الوطنية !


باتت بيئة وسائل التواصل الاجتماعي طاردة ومنفرة، ولم تعد مكانا لطرح الآراء ناهيك عن تبادلها ومناقشتها، فما بين مطرقة جاهل لا يفهم ما تكتب، وسندان مترصد يوجهك لما يريدك أن تكتب، بات صاحب الرأي ضحية ساحة حرية موبوءة تحكمها الفوضى وتنشط فيها عصابات المرتزقة، وتزدهر فيها سوق سوداء بضاعتها الكلمات السوقية والشتائم البذيئة !

حال منصات وسائل التواصل الاجتماعي اليوم يدق ناقوس الخطر وينبه لما يتهدد حال الوعي، فالمسألة لم تعد تتعلق بمخاض تجارب حرية التعبير عن الرأي بكل سلبياتها وإيجابياتها بل بضمان ألا يلفظ الوعي أنفاسه الأخيرة !