هل يرضى العضو بمليون مع الفشل؟!

لم تزل اللجان الطبية المكلفة من قبل وزارة الصحة لمناقشة وفحص الشكاوى المقدمة ضد الأخطاء الطبية التي قد تحصل لمريض بين حين وآخر، لم تزل هذه اللجان تتعامل مع ما يثبت لديها من أخطاء طبية أودت بحياة المئات من المرضى أو إعاقتهم أو تسببت لهم في متاعب ومضاعفات خطيرة، تتعامل مع ما يثبت من أخطاء وفق نظام الدية وإرش الجراح ونحوه من المقاييس التي لا تصلح عقوبة للأخطاء الطبية المدمرة ولا تتناسب مع ما مر ويمر به المريض من معاناة.. لأن نظام الديات وإرش الجراح، إنما يحكم بها في المحاكم عند وجود ضحايا أو جرحى بسبب شجار وخصومة أو حصول خطأ يؤدي إلى وفاة أو جرح شخص ما مثل حوادث السيارات بالنسبة لقتل الخطأ أو ما ينتج عن الحوادث من جروح يحكم فيها بالإرش.. أما الأخطاء الطبية فلها شأن آخر لأنها تحصل عادة عن إهمال واستهتار بحياة المرضى وربما تكون ناتجة عن قيام المستشفيات التجارية أو الحكومية بجلب أطباء أو ممرضات من ذوي الخبرات والإمكانيات الطبية والتمريضية المتواضعة، لأنهم أقل أجراً وتوفيراً للنفقات فبدل أن يوظف طبيب حاذق بعشرة آلاف أو خمسة عشر ألف ريال شهرياً يؤتى بالمتردية والنطيحة ليتعلم في الناس ويزهق الأرواح ويتسبب في أضرار صحية بالغة، فإن أدين ذلك النطيحة بعد خمس أو ست سنوات من العمل فإن دية ما يحدثه من خطأ سواء كان موت إنسان أو فقدانه لأحد حواسه أن يدفع الطبيب أو المستشفى الدية أو إرش الجراح أو تعويضاً بعشرات الآلاف مقابل تعطل جهاز أساسي في جسم الإنسان مثل الكلى أو العين أو الكبد أو القدم، فإذا فقد إنسان ما إحدى عينيه نتيجة خطأ طبي حكم له بنصف دية خمسين ألف ريال، وإن حصل له فشل كلوي أو كبدي حكم له بدية كاملة مائة ألف ريال في أحسن الأحوال مع أن مثل هذا المبلغ لو أُنفق جميعه على علاجات الفشل الكبدي أو الكلوي لما كفى لتغطية علاجات عام واحد.
أما لو أراد المريض زرع كلية أو كبد فإن تكاليف الزراعة تدخل في خانة الملايين، هذا إن نجحت الزراعة ولم يرفضها الجسم ويتلف العضو المزروع ولست أدري إن كان أي عضو من أعضاء اللجان الطبية يقبل بمليون ريال على سبيل التعويض عن فشل كلوي قد يصيبه لا سمح الله، نتيجة خطأ طبي ثابت، أو يرضى بمثل هذا التعويض لقريب أو حبيب أو صديق، فإن كان لا يرضى هو ولا غيره بمليون ريال على سبيل التعويض فكيف يحكم في قضايا الأخطاء الطبية بعشرات الآلاف لمن تسببت تلك الأخطاء في حرمانهم من الإنجاب أو دخولهم في الفشل الكلوي والغسل الأسبوعي أكثر من مرة، ثم ينام بعد حكمه قرير العين؟!