-A +A
خالد السليمان
الدول التي تفرض الضرائب على مواطنيها نوعان؛ النوع الأول دول متقدمة تؤمن بأن العلاقة الضريبية بين الدولة والمواطن هي علاقة شراكة وأخذ وعطاء، فتعمل على ازدهار حياة المواطن وتمكينه من أدوات رفع مستوى دخله ليكون قادرا على دفع ضريبة تساعد الدولة على بناء المجتمع وضمان استقراره، والنوع الثاني دول متخلفة جعلت علاقتها بالمواطن علاقة طرف يقبض وطرف يدفع بدلا من أن يكون جزءا من حركة دوران منتجة مبدأها تبادل المنافع والمصالح !

أبسط مثال علاقة التاجر بالمستهلك، فالتاجر الناجح يدرك أن نجاح وازدهار أعماله رهن باستمرارية قدرة المستهلك على شراء سلعه والعودة إلى متجره، بينما نجد علاقة التاجر الجشع بالمستهلك قائمة على الاحتلاب حتى آخر قرش دون أي اعتبار لأهمية وجود علاقة مستقرة ومستمرة، مما يؤدي بها في النهاية إلى الانهيار، فلا يعود التاجر الجشع يجد من يشتري بضاعته ولا يعود المستهلك المفلس قادرا على دفع ثمنها !


من هنا تؤمن الحكومات الناجحة بأن نجاح النظام الضريبي رهن بازدهار مجتمعاتها وتعزيز قدرات المواطن فيها على الإنتاج وتحقيق أعلى معدلات الدخل وتعزيز دور مؤسسات المجتمع الرقابية، بينما تعاني المجتمعات التي تفشل حكوماتها في فهم وتحقيق هذه العلاقة المتوازنة من التعثر والفشل في الإدارة والتنمية بينما يغرق المجتمع في رمال الفقر والمشكلات التنموية وتحجب أي دور للمؤسسات الرقابية !

باختصار.. الضريبة ليست سداد فاتورة للدولة بقدر ما هي مشاركة استثمارية في الحياة !