صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب “رياضيات عمر الخيام” للدكتور رشدي راشد والدكتور بيجان وهاب زاده، وهو ترجمة لكتاب ألف بالفرنسية في باريس عام 1999م تحت عنوان “الخيام الرياضي” وقام بترجمته للعربية الدكتور نقولا فارس، وذلك ضمن سلسلة “تاريخ العلوم عند العرب”. ان اعمال الخيام في الرياضيات طبعت تاريخ هذا العلم. فلقد صاغ للمرة الاولى في مؤلفاته نظرية هندسية للمعادلات الجبرية، وشكلت هذه الصياغة بداية لفرع جديد من الرياضيات هو فرع الهندسة الجبرية. وفي هذه المؤلفات نجد ايضاً اول مراجعة “حديثة” لنظرية النسب، كما نجد اسهاماً اساسياً في نظرية المتوازيات.
ينجح هذا الكتاب، من خلال المقارنة بدقة بين حصيلة اعمال ديكارت وتلك التي انجزها الخيام في القرن الحادي عشر، في بيان ان هندسة ديكارت تشكل- في جانب من جوانبها- اكمالاً للتقليد الذي اختطه الخيام والطوسي، وان هذا الاكمال اطلق تقليداً آخر مصدره بالطبع كتاب ديكارت، الا ان ركائزه موجودة في اعمال من اتى بعده.
ان قراءة “هندسة” ديكارت تستدعي النظر باتجاه المصدر، نحو الطوسي والخيام. فهو- ككل الاعمال المجددة- لم ينبع من لا شيء، بل هو استيعاب للتقاليد التي ورثها، وتكييف جديد لها، مكنا مؤلفه من رؤية عالم آخر لم تنظره من قبل عين.
يحتوي كتاب رياضيات عمر الخيام جميع المؤلفات الرياضية التي وصلت الى عصرنا، التي قام بها هذا الرياضي والفيلسوف الفذ، مع تحقيق النصوص وترجمتها الى الفرنسية وشرح وتعليق رياضيين. وتقسم هذه الاعمال، في الكتاب الى قسمين:
القسم الاول، والاكبر حجما، يحتل النصف الاول من الكتاب، نجد في هذا القسم، ولاول مرة في التاريخ، صياغة لنظرية حل للمعدالات الجبرية التكعيبية عن طريق تقاطع منحنيات هندسية. وبعد ان يصوغ الخيام هذه النظرية، نراه يحل بالفعل انواع المعادلات الجبرية الخمسة والعشرين من الدرجة الثالثة وما دون، مستخدما القطوع المخروطية في حل الانواع التكعيبية الاربعة عشر. لذا يمكن تصنيف هذا القسم ضمن المنحى الهندسي لتطور الجبر.
القسم الثاني من هذه الاعمال مخصص لرسالته الشهيرة: «رسالة في شرح ما اشكل من مصادرات اقليدس» تعالج مسائل تتعلق بأسس الرياضيات، وفيها ثلاث «مقالات» يمكن وضعها في فصلين: الفصل الاول: يهدف الى «برهان» ما يعرف بـ «مصادرة اقليدس الخامس» ومحاولة البرهان هذه هي مشروع شغل كبار الرياضيين على امتداد عشرين قرنا. وأدى العمل الذي بذل فيه الى ولادة الهندسات اللااقليدية في القرن التاسع عشر للميلاد.
والفصل الثاني يحوي «مقالتين» حول النسبة والتناسب تظهران صعوبات التحديدات الاقليدية الواردة في الكتابين الخامس والسادس من الاصول واشكالاتها، وتتصديان لها، وتضعان نظرية في النسبة، جديدة، قائمة على الكسور المتصلة.
وتظهر قراءة القسم الثاني وهو مخصص لرسالة الخيام الشهيرة رسالة في شرح ما اشكل من مصادرات اقليدس، التي تعج مسائل تتعلق بأسس الرياضيات.
ويرى فيها المؤلف ان هذه النصوص في غايـــة الاهــــمية بالنسبة الى الفلاســفــة والى الباحثين في فلسفة الرياضيات.
ان هذا الكتاب، مع صغر حجمه، يحوي كمية مهمة من المعلومات التي تعتبر معطيات اساسية لابد من ان تدخل في تكوين فكر المتعاطين بتاريخ العلم والفلسفة. ولابد من ان يكتشف المؤرخ من خلال دراسته عينة مهمة من ممارسة درج عليها العلماء العرب وميزت التقليد العلمي العربي، من اهم ملامح هذه الممارسة القراءة النقدية للارث العلمي السابق «اليوناني بمعظمه» هذه القراءة النقدية التي اسهمت في تطوير الارث اليوناني وفي اغناء العلم لكونها اسهمت في ولادة نظريات وفروع علمية جديدة.
اسم الكتاب: رياضيات عمر الخيام
تأليف: د.رشدي راشد- د.بيجان وهاب زاده
ترجمة: د.نقولا فارس
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية -بيروت