يوسف شاب نموذجي..
ليس لأنه مهندس استطاع أن يضيف ترساً في آلة.. وليس لأنه طبيب اكتشف جينة وراثية تقف وراء الصلع وليس لأنه فيزيائي تمكن من تصحيح نظرية اينشتاين.. ويوسف ليس طالباً جامعياً ناجحاً.
كما انه ليس ربّاً لأسرة تعيش هانئة وادعة..
ومع ذلك كله فهو شاب نموذجي..
نموذجيته ليست لأنه عمل شيئاً لم يعمله أحد..
نموذجيته أنه نموذج لألف يوسف ويوسف..
يوسف شابٌ عاطل باطل..
درس وهو يعرف ان الدراسة أصبحت لا تضر ولا تنفع أو انها كما يقال في المثل (لا تنطح ولا تقول امبع) ومع ذلك درس..
ذاكر واجتهد وسهر الليالي وحل الواجبات وأدى الاختبارات على أكمل وجه وهو يعرف آخر المشوار.
قرأ اسمه بين اسماء الناجحين وهو يدندن مع عبدالحليم حافظ (آه يا عيني من آخر المشوار.. آه ياعيني)..
تحول من طالب علم الى طالب وظيفة وبعد بضعة شهور من التردد على الشركات والمؤسسات تحول الى طالب حجر جراك باعشن صافي وبراد أبو اربعة تلقيمة في مقاهي المنطقة الصناعية.
يوسف لم ينحبط (ينحبط يعني يصيبه الإحباط) وهو يصر على ان يستمتع بحياته كأي شاب عاطل باطل.
العمل ليس مهماً اذا ما توفر له ما يدفعه لبراد الشاي وأربعة حجار جراك باعشن صافي في الليلة والجوال يمكن تدبير قيمته من الأم المعلمة، أما السيارة فهدية النجاح من الوالد والفائدة الوحيدة التي طلع بها من دراسة دامت ستة عشر عاماً.
يوسف تعود أن يضحك كثيراً كلما قرأ خبراً..
حين انهار سوق الأسهم حمد الله انه عاطل باطل وقال لزملائه: (لو كنت توظفت كان صارت عندي فلوس وكنت شاركت في سوق الأسهم وخسرت.. شايفين فايدة البطالة؟!).
وحين استشرى الموت في الجمال حمد الله ايضاً انه عاطل باطل (شوفوا لو كان توظفت كان تصير عندي فلوس ويمكن.. اقول يمكن تهفني نفسي واشتري وحدة من مزايين الابل وكان ماتت وبقيت بحسرتها).
وحين اصبح حديث الغلاء في الاسعار هو الشغل الشاغل للناس حمد الله ايضاً وقال لأصحابه: (شوفوا فايدة البطالة.. الحمد لله.. لا وظيفة ولا فلوس.. يعني مالي دخل ارتفعت الاسعار او انخفضت.. لا نشتري ولا نبيع) وهتف بالقهوجي: (حجر باعشن صافي يا معلم).

suraihi@gmail.com