سبعون نزيلاً في سجن المدينة المنورة يشكلون فريقاً حرفياً ويديرون الورش والمعامل التي أقامها القطاع الخاص بالتعاون مع ادارة السجن بكفاءة عالية.. يصنعون الاثاثات الفاخرة ويقومون بأعمال التنجيد وينتجون أحذية وحقائب جلدية بمواصفات عالية.فيما يرسم آخرون لوحات غاية في الابهار والجمال، صحيح ان لحظة طيش قادتهم إلى العنابر لكن تلك اللحظة لم تستوقفهم في محطة النميمة والتبطل على وسائد العنابر فقد تجاوزوها إلى صنع الحياة داخل اسوار السجن.
ثمة من يبدعون في صنع الحلويات والمعجنات بمختلف أصنافها العربية والايطالية والفرنسية وتجهيزها للحفلات العائلية والأعراس خارج السجن.النزلاء الذين كرسوا وقتهم لاتقان أعمالهم التي يصنفها المراقبون والمشرفون في تلك المعامل والمصانع بأنها على أعلى مستويات الجودة وظفوا أنفسهم على ابداعات متنوعة لموهوبين من هؤلاء عبر لوحات فنية جدارية ورسومات وابتكارات أشاد بها المعنيون.
مرتبات شهرية للنزلاء
السجن العام في المدينة المنورة كان سباقاً في خوض تجربة إقامة برامج وأنشطة عملية شملت جميع السجناء في تلك المصانع والمعامل التي يديرها القطاع الخاص.
فتحول من خلالها السجن إلى مصنع ودار عمل وإنتاج يتقاضى فيه السجناء مرتبات وأجورا شهرية يمكن لهم من خلالها الإنفاق على أسرهم خارج السجن.إضافة إلى الاقسام الأخرى، ومنها ابتكارات أدخلت عليها أجهزة كهربائية كانت مثار إعجاب من شاهدها، ومن ضمنهم وفد الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور بندر الحجار الذين اطلعوا خلال زيارتهم مؤخراً لسجن المدينة المنورة على المصانع وورش العمل. حيث أبدوا إعجابهم بما شاهدوه من معامل وبرامج داخل السجن.إضافة إلى حلقات الوعظ والإرشاد وتحفيظ القرآن وهذه الأنشطة الدينية تلقى إقبالاً من السجناء.
توسعة المصانع
مدير أمن السجون بمنطقة المدينة المنورة العقيد عبدالرحمن الحازمي أوضح بأن سجن المدينة المنورة يعد من السباقين في خوض تجربة المصانع داخل السجن وتحويل مدة السجن إلى ساعات عمل وبناء يتحول فيها السجناء إلى أيد عاملة تشارك في المجتمع ويستفيد من خلالها مقابلا ماديا ويستفيد صنعة وهذا بلا شك يجعل السجين يحصل على فرصة عمل من خلال مزاولته هذه الأعمال أثناء خروجه من السجن، مبيناً أن تجربة المعامل والمصانع داخل السجن سيتم توسيع نطاقها خلال التوسعة التي سيشهدها سجن المدينة المنورة مستقبلاً تشمل جميع مرافق السجن بتكلفة (34) مليون ريال.
تدريب وتعليم وخدمات صحية
السجناء كان لهم رأي آخر حيث أشار أحد النزلاء إلى انعكاس مزاولة المهن على صحتهم النفسية والذهنية بقوله: كنت أعيش لحظات متفاوتة بين الندم والقلق في بداية دخولي إلى السجن، وكنت شبه محطم نفسياً ولا آبه بالآخرين من حولي وكنت أرى جميع الدروب مقفلة في وجهي ولكن انقشع كل ذلك بمجرد أن بدأت التدرب على «الخياطة» التي انشغلت بها كثيراً وبدأت أكسب منها بعض المال والحمد لله، فيما أشاد علي «سجين آخر» بالخدمات المقدمة لهم داخل السجن وخاصة ما يتعلق بالتعليم والخدمات الصحية والغذائية.
دورات تقنية
فيما يقول عبدالله «نزيل يتدرب في دورة «تقنية كهربائية» التي تنفذها مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني بالمدينة المنورة بالتعاون مع إدارة السجون»: أن أجواء العمل داخل ورش ومعامل السجن لاتختلف عن العمل خارجه، من حيث الرواتب وروح التعاون بين أصحاب العمل والنزلاء ومأموري وحراس السجن، واضاف بأن روح العمل الجماعي أخذت تزداد بداخله بعد مضي أسابيع من فترة محكوميته لتحل محل الرهبة والخوف الذي كان ينتابني، مقدماً شكره لكل من ساهم في تقديم هذه البرامج من جهات حكومية وأهلية.
أجواء أسرية حميمة
مندوب امارة المدينة المنورة لدى السجن العام معلا الرفاعي أوضح أن البرامج والدورات والاعمال التي يجري تنفيذها في السجن العام بالمدينة المنورة تحظى باهتمام ودعم ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة حيث يحرص سموه على الاطلاع على نتائج هذه الأنشطة من أجل تأهيل النزلاء قبل خروجهم من السجن وعودتهم للمجتمع، وأضاف الرفاعي ان سجن المدينة المنورة هو أول من طبق تجربة إشراك القطاع الخاص في تأهيل السجناء من خلال (6) مصانع حرفية يباع إنتاجها إلى خارج السجن حيث مضى على هذه التجربة الرائدة قرابة (12) عاماً ولازالت مستمرة وتحقق نجاحاً ودعماً لتأهيل السجناء لاسيما من النواحي النفسية والاجتماعية، مضيفاً ان السجن العام بالمدينة لا يختلف عن بقية سجون المملكة حيث يوفر للنزلاء المتزوجين خلوة شرعية مع زوجاتهم لعدة ساعات وفق شروط وضوابط معينة لاستعادة الأجواء الأسرية الحميمة.