محافظة شرورة.. احدى اكبر محافظات الربع الخالي.. ويعتبرها الكثير من ابناء الصحراء بمثابة العاصمة لكل محافظات وقرى وهجر صحراء الربع الخالي. تغيرت ملامح «شرورة» البدوية كثيرا في السنوات الاخيرة. وارتدت حلة مدينة جميلة وحديثة وان بقيت ارواح سكانها معلقة بالصحراء.. لم يتخلوا عن عاداتها وشيمها وقيمها النبيلة.«عكاظ» التقت محمد عبيد الراشد محافظ شرورة، والذي اكد لنا ان عدد سكان المحافظة 62 الف نسمة حسب ما ورد في اخر تقارير لمصلحة الاحصاءات العامة.. وهؤلاء هم الذين سجلتهم الاحصائيات ممن هم مستقرون في داخل النطاق العمراني. اشار الراشد الى ان الذين يعيشون خارج المحافظة في المناطق الصحراوية على اطراف النطاق العمراني او بعيدا عنه لم تشملهم احصائيات التعداد السكاني ولايعرف تحديدا كم عددهم، ولكنهم كثر وبالالاف. ويشير الراشد الى ان الكثافة السكانية في محافظة شرورة تعتبر عالية قياسا الى وجودهم بهذا العدد الكبير في منطقة صغيرة تحدها الرمال من معظم الجهات.
زحف الرمال
واكد الراشد ان محافظة شرورة والمدن والقرى في هذه المنطقة الصحراوية تعاني بشدة من زحف الرمال وتطاير الغبار والاتربة.. ومازالت هذه المعاناة قائمة رغم جهود البلديات في مكافحة زحف الرمال، وعملية تنظيف الشوارع وازاحة كثبان الرمال المتراكمة على الطرقات والمنازل تتم بصورة يومية مرهقة ومتكررة رغم مشاريع التشجير التي لم تفلح نظرا لكثافة الرمال في المنطقة ووجود هذه المدن والمحافظات والقرى في قلب الصحراء.
شح المياه
ويشير محافظ شرورة الى معاناة اخرى في المحافظة والمدن والقرى الاخرى ايضا، تتمثل في صعوبة استخراج المياه وبالتالي هناك صعوبة بالغة في اهدارها على مشاريع التشجير مما حتم على البلديات اتباع سياسات وخطط تدريجية في نشر المسطحات الخضراء في المحافظة وفي المناطق الاخرى.
واشار الى ان مكمن الصعوبة في عملية استخراج المياه ان المصدر الوحيد للحصول عليها من المياه الجوفية المستخرجة من باطن الارض حيث الاعماق بعيدة وتضاريس المنطقة واكد الراشد على ان الدولة تراعي تماما هذه الصعوبة والعمل جار على حفر عدد من الابار الارتوازية لضخ المياه الجوفية من باطن الارض مما سيساهم في حل ازمة المياه في المنطقة وانه تم حفر ست ابار جديدة خلال العام المنصرم مما خفف العبء عن المواطنين الى حد بعيد مشيرا الى ان عمليات حفر الابار في المحافظة تسير مواكبة لتزايد اعداد السكان فيها واشار الى ان هناك املا ان يتم تنفيذ سحب المياه للمحافظة من الربع الخالي من منطقة تبعد 140كيلومترا عن نجران رفعت دراسة المشروع لسمو امير منطقة نجران وبانتظار اعتمادها والمباشرة بتنفيذها.
ومن ناحية اخرى اشار الراشد الى ان العمل جار على انجاز عدد من المشاريع التنموية والخدمية في محافظة شرورة كمشروع الصرف الصحي الذي يجري العمل على تنفيذه على امل ان يتم الانتهاء منه قريبا.
كما يجري العمل على انجاز مبنى المحافظة الجديد والذي سينتهي العمل فيه بنهاية العام الحالي وكذلك مبنى المعهد المهني ومركز التربية الاجتماعية حيث سينتهي العمل فيهما قريبا.
مدرستان فقط
كما اشار محافظ شرورة الى انه لم يتبق سوى مدرستين مستأجرتين في مبان غير حكومية بينما كافة مدارس المحافظة في مبان حكومية نموذجية وسيشرع قريبا في انجاز مبنيين حكوميين جديدين للمدرستين المتبقيتين اضافة الى وجود كلية للبنات في المحافظة تفي تماما باحتياج المحافظة والمناطق القريبة منها وزيادة. اعتمادا على نوع التخصصات وطبيعة الاحتياج في كل تخصص من التخصصات الموجودة في الكلية مشيرا الى ان مخرجات هذه الكليات من الخريجات يتم تعيينهن في المحافظة والمناطق القريبة منها حسب الاحتياج القائم وان هناك عددا من التخصصات غير متوفرة في الكلية وبالتالي عدم وجود خريجات منها يغني باحتياجات المدارس والقطاعات الاخرى وبالتالي يتم تغطية الاحتياج بمعلمات او موظفات من خارج المنطقة، وهذا امر طبيعي تفرضه طبيعة وحجم الاحتياج كما هو متبع في كافة محافظات ومدن وقرى المملكة.
واكد الراشد ان اهتمام ولاة الامر بمحافظة شرورة كبير مما دفع عجلة التنمية في المحافظة في سباق محموم مع الزمن، وتحد كبير للطبيعة الايكولوجية للمنطقة وتضاريسها وحصار الكثبان الرملية لها من عدة جهات مما يساهم في ابطاء عملية التنمية والتقدم فيها. ولكن ما انجز حتى الآن يعكس بجلاء حجم التحدي الكبير والجهد المضني الذي بذل لتطوير المحافظة وازدهارها لتحقيق رفاهية المواطن وتوفير كافة سبل العيش الكريم له، وتلبية كافة احتياجاته حسب الامكانيات المتاحة، والخطط التنموية المتسارعة لتحقيق الافضل بأقصى درجة، وبأقصى الجهود والامكانيات المتوفرة.
ويضيف شرورة اصبحت مدينة كبيرة ولله الحمد والطابع المتعارف عليه في المدن ان يكون سكانها قد قدموا اليها من مناطق اخرى وجهات عديدة صحيح ان في شرورة قبائل قديمة وتعتبر المنطقة موطنهم الاصلي ولكن اضافة اليهم يوجد في المدينة اناس اقاموا واستقروا واستثمروا فيها واصبحت شرورة اليوم تختلف كليا عن شرورة الامس فقد اصبح فيها مطار وحركة الطيران فيه بمعدل 16 رحلة اسبوعيا من والى كافة المطارات المحلية والدولية داخل المملكة.
ويضيف الراشد لاتوجد احتياجات ملحة في المنطقة ولكن الالحاح في متابعة تنفيذ المشاريع القائمة قيد التنفيذ الان ومتابعة اعتماد المشاريع المعتمدة للتنفيذ في المستقبل القريب وولاة الامر وصاحب السمو الملكي امير المنطقة مهتمون جدا بالمحافظة وقد نالت نصيب الاسد بين المحافظات الاخرى كما ان الاستثمار في المحافظة طيب واقتصادها جيد ولله الحمد
الجذب السياحي
ويؤكد الراشد على ان محافظة شرور تملك العديد من مقومات الجذب السياحي فالمطار قدم خدمة جليلة للمنطقة خاصة لقربها من المنفذ الحدودي مع اليمن عبر منفذ «الوديعة» حيث يصل المسافرون الى اليمن الشقيق من السعوديين او من الاخوة اليمنيين او غيرهم الى المحافظة بسرعة عبر الطائرة من اي مكان في المملكة ليجدوا الطريق سهلا ومعبدا بالاسفلت الى منفذ «الوديعة» ومنه الى داخل اليمن حيث «العبر» هي اقرب مدينة ولاتبعد مدينة عدن من هنا اكثر من «500» كيلومتر، وتعتبر هذه الطريقة الاكثر يسرا وآمنة جدا وبعيدة عن منطقة الاشتباكات الدائرة الان بين الحكومة اليمنية والحوثيين في صعدة.
وقبل ان نختم زيارتنا لمحافظة شرورة لم يفته ان يؤكد لنا بأن «عكاظ» اول صحيفة تزور المنطقة لتقدم عنها عملا ميدانيا بهذا الحجم.
ونظرا لقرب محافظة شرورة من المنطقة الحدودية المتاخمة للحدود الدولية لجمهورية اليمن الشقيقة كان لابد لنا من السؤال عن حالات التسلل والتهريب عبر الحدود، والتي تكثر عادة في هذه المناطق لتشكل ظاهرة لابد من التوقف عندها ودراستها ومعرفة حجمها والطرق المتبعة من قبل المتسللين والمهربين في اختراق الحدود وكيفية مجابهتها والحد منها.
وحول هذا الجانب اكد محمد عبيد الراشد محافظ شرورة على ان حالات التسلل عبر الحدود ظاهرة موجودة في جميع دول العالم وليس في المملكة وحدها او في محافظة شرورة فقط.
صخور تقدم شرارا
وعن سبب تسمية «شرورة» بهذا الاسم يقول مرسل بن سرور ال رابعة من ابناء شرورة ان سبب التسمية يعود لكونها تقع في نهاية اطراف الكثبان الرملية، وتحيط بها الرمال من الشمال والغرب والشرق ما عدا الجهة الجنوبية حيث تكثر صخور نارية تسمى «المرو» والتي تمتد حتى تصل الى جبال الاحقاف بحضرموت.
وعندما تشتد الرياح فان هذه الصخور تصدر شرارا، وكذلك عند قدوم القوافل من جهة الجنوب واثناء سير الابل ليلا تصطدم اخفافها بالاحجار الصغيرة فتصطدم الاحجار ببعضها مولدة شرارات مضيئة، ولهذا سميت المدينة بـ «شرورة».
ويضيف ال رابعة كما ان هناك سببا اخر يرجحه البعض للتسمية، وهو كون المدينة تقع في منطقة عبور القوافل وتوسطها بين عدة مناطق مهمة وقد وقعت فيها عدة معارك وغزوات وقتل كثير، وهي موقع يكمن فيه الغزاة لقوافل الابل العابرة فاقتبس الاسم من الشر لهذا السبب سميت «شرورة».