كل ما سيأتي في هذا الموضوع هو حديث ذاتي أجريته مع نفسي وأنا في السيارة قبل أيام، فقد تذكرت أغنية قديمة لنجاح سلام تحمل هذا العنوان حين رأيت مجموعة سيدات يتقافزن بين الرصيف والسيارات بعباءاتهن، قد أحكمن ارتداءها مع وضع النقاب بصورة صحيحة.. وفجأة اكتشفت حين اقتربت إحداهن من السيارة أنهن متسولات أفريقيات.. وعدت للأغنية وأنا أشاهد ذلك المنظر لأجري حواراً داخلياً حول العباية.. فلاحظت ما يلي: أن استخدام العباءة لم يقتصر على بلادنا.. بل شمل ذلك عدة مناطق عربية وإن كنت لا أعرف هل هي سوداء اللون هناك أيضاً أم أن هذا اللون من خصوصياتنا؟ وتوالى الحوار المترابط أحياناً والمتناثر أحياناً أخرى.. والمهم أنني قررت وضعه أمامكم كما هو: - لم تكن العباية هي ما يلبس في منطقة الحجاز.. فقد كانت جداتنا يرتدين ما عرف باسم «القنعة التركي» وهي مكونة من أكثر من قطعة كلها باللون الأسود إلا غطاء الوجه.. أو نصف الوجه.. كان أبيض اللون.. ولأن أصلها من تركيا فقد ارتدتها السيدات هناك.. سوريا، مصر.. إلخ. يوجد زي آخر في منطقة الحجاز يسمى «جامة» وأصله من أفغانستان ويلبس من الأعلى وتوجد فتحة صغيرة على شكل شبكة حول منطقة العينين، إلا أن ارتداء هذه الجامة كان محدوداً بفئات قليلة مع أن ألوانه كانت متعددة ومختلفة. على أية حال فبرغم جمال القنعة التركي ورقي شكلها فقد كانت الجامة على عكس ذلك.. حتى أنني كنت في صغري أشعر بالخوف والرعب من السيدة القابعة خلف ذلك الشبك.. ثم ظهر بعد ذلك ما عرف باسم «الكاب» تعورف على أنه للفتيات الصغيرات لسهولة ارتدائه فهو يشبه «البالطو» لكنه بدون أكمام. - تساءلت مع كثيرين عن سر اختيار اللون الأسود للعباية مع ما له من جوانب سلبية كامتصاصه للحرارة مع ما يبعثه في النفس من قتامة اللون.. وقرأت للعديدين ممن اقترحوا تغيير لونها إلى ألوان أخرى كالأخضر مثلاً تمشياً مع رايتنا ومع احترامي للراية فإن نشر اللون بهذا المدى لن يكون مريحاً إطلاقاً.. ولم لا نختار ألواناً أخرى أكثر إشراقاً وراحة كدرجات البيج والأزرق وغيرها من الألوان الهادئة وهي في جميع الأحوال أفضل مما نراه الآن من بهرجة الألوان والزخارف التي تلفت النظر إليها أو العباءات التي تكشف أكثر مما تستر. على أية حال نرى محاولات فردية هنا وهناك لإبدال اللون الأسود أو دمجه مع ألوان أخرى وليس في ذلك ما يتعارض أو يمس ما يتطلبه الاحتشام والستر.
أعود إلى بداية الموضوع.. المتسولات اللاتي رأيتهن.. الأفريقيات، وهناك غيرهن من جنسيات مختلفة يرتدين العباءات متخفيات خلفها، يحكمن ارتداءها «ولا أجدع سعودية»، بل إن ذلك يحدث حتى في بعض الدول العربية الأخرى، يعرف ذلك من يمضون عطلاتهم هناك.
أما بالنسبة للمقيمين بصورة غير نظامية داخل البلاد، فإن ارتداء العباية يسهل لهن القيام بالكثير من المخالفات.. خاصة أن أسعارها وصلت إلى عشرين ريالاً فقط!! «والبركة في المشاغل غير النظامية»..!
في نهاية الأمر كان ما سبق حديثاً مع النفس وضعته كما هو دون تنسيق أو ترتيب قد يجد فيه البعض إشارة إلى مشكلة ما.. وقد يجد فيه البعض حلولاً لمشاكل ما.. وربما يجد فيه الكثيرون كلاماً -مجرد كلام- لا يودي ولا يجيب.