(1)
رجال الدين - في عالمنا العربي - نوعان:
الأول: رسمي، والثاني: شعبي.
الأول: يعمل داخل «المؤسسة»، والثاني: يعمل خارجها.
الأول: يتكئ على سلطة الدولة وقوتها، والثاني: يتكئ على الأتباع والمريدين.
يتميّز الأول - غالباً - بالولاء ، ويتميّز الثاني - أحياناً - بالمشاكسة.
(2)
الأول أصبح رهينة المؤسسة وبيروقراطيتها وتعاميمها وتوجيهاتها..
الثاني أصبح رهينة الجمهور والأتباع.. صار المتبوع - دون أن يشعر - يتبع التابعين، يتلمّس مزاجهم العام، ويحاول أن يعرف مصدر الهواء الذي يحركهم.. والهوى الذي يدركهم، فإما أن يقول ما يوافق المزاج العام.. أو يلجأ إلى الصمت!
(3)
صار لكل مؤسسة «شيخها» الخاص بها:
هذا «جهاز» يحتاج إلى فتوى تمرّر قراراته وتصرفاته للمراقبين.
وهذه مؤسسة مصرفية تحاول أن تزيد أرباحها عبر إقناع الجمهور بمشاريعها «الحلال».
وهذه قناة تريد أن «تشرعن» برامجها الترفيهية ببرنامج وعظي يتخلل المشاهد الراقصة!
(4)
في الغالب، وعند النوعين الأول والثاني، لم يتطوّر «الخطاب»..
فقط.. عند الأول يُقدّم عبر إذاعية رسمية وبطريقة تقليدية، وعند الثاني يُقدّم بشكل مبهر عبر قناة فضائية ملونة شاشتها HD، و«الخطاب»: أبيض وأسود!
تشعر أنهم خارج العصر، ويرتابون بشكل عجيب من أي جديد.. وأفضل حكم فيه: رفضه!
ينشغلون بأحزابهم أكثر من انشغالهم بدينهم.
أغلبهم «حفظة» لم يضف لكتاب تاريخ الإسلام سطراً واحداً.
اختصروا الإسلام بعظمته وكماله وإنسانيته وحضارته إلى أشياء شكليّة صغيرة ومسائل تافهة.
بعضهم لديه القدرة على تشويه الإسلام أكثر ممّا يفعل ألد أعدائه!
(5)
«رجل الدين»: في الكثير من الدول العربية تحوّل إلى «موظف» لا تراه إلا في صلاة العيد عبر الشاشة الرسمية، أو شيء موجود - ليُكمل المشهد - في مناسبة قومية..
خارج هذا الإطار، تراه: خارجاً على القانون!
(6)
«علي الوردي» كان يتحدث عن وعّاظ السلاطين.. الآن، لكل سلطان واعظ:
سلطان السياسة، سلطان المال، سلطان الإعلام، وحتى سلاطين كرة القدم لهم وعّاظهم الذين يقرأون عليهم بعض الأذكار لـ «فك نحس» الفريق ليفوز بالدوري!
(7)
في عالمنا العربي هنالك جيل بدأ يتشكّل، ويخرج من العباءة:
لم يعد يعجبه «الخطاب» المكرور، ولم يمنحه الحلول السحرية.
هو لا يُصدّق الأول، ولا يثق بالثاني.
هذا الجيل، في الغالب، تراه يتطرف برفضه ويذهب إلى أقصى اليمين أو أقصى اليسار:
أحدهم يُلحد، والآخر يلتحق بداعش!
(8)
رجال الدين - في عالمنا العربي - نوعان..
عبدالرحمن السميط رحمه الله: نوع ثالث.