-A +A
عبدالرحمن العكيمي (تبوك)
أن تكتب عن وجع إنساني في عمل أدبي فهو من البديهيات لكن أن تكتب عن مرض غريب ومختلف كالزهايمر حين يغير حياة الإنسان ويرسم إنسانا آخر إنسانا بلا ذاكرة.. إنسانا غير الذي أمضى رحلة العمر بوعي وإدراك فإن الكتابة ستكون حينها كشفا واكتشافا ومغامرة وغوصا في شخصية أخرى تعاني خللا مخيفا يجعلها تعيش غربة مفجعة..

الزهايمر يحضر على مستوى الاسم وعلى مستوى الدلالة ليكون عتبة أولى لعمل أدبي عريض.. ولعلنا نطرح التساؤلات كيف يكتب الروائي أو الأديب نصا عن حالة مذهلة حالة فقد وتيه هو لم يعشها، لكنها يشاهدها ويراقبها ويتعامل معها بالعطف والمساعدة..ترى كيف يمسك بتفاصيل هذه العوالم الغرائبية..هل لأن قريب المريض هو المريض حقا كما يقال؟؟.. تقول الناقدة إيمان الحازمي: كتب عن الزهايمر كتجربة مرت على الكاتب إما بإصابة أحد أقربائه وإما تعاطفا مع مايشاهد ويقرأ عن هذا المرض، وتفاعل الكُتاب معه كان مؤثرا جدا فالكُتاب هم الأقرب إلى الذاكرة والإحساس بها، واستطاعوا تخيل المشاعر ورصد الصور التعبيرية عن اللحظات الإنسانية، سواء كانت للمريض أم للمحيطين به. وتضيف الحازمي: اختلف الإبداع في الكتابة الروائية من حيث الرؤية، إذ كتب غازي القصيبي أقصوصته ( ألزهايمر) كرسائل من المصاب نفسه ( يوسف العريان ) إلى زوجته يصف فيها مايمر به من تغيرات في مراحل هذا المرض، وكعادة غازي القصيبي فإنه يوظف الأحداث في النقد الساخر للسياسة والمجتمع والفن فيجمع بين الشجن والطرافة وفلسفة الموضوعات من خلال حوارات متخيلة مع شخصيات تنتمي لتلك الأوساط. بالمقابل نجد في رواية ( حينما تترنح ذاكرة أمي ) للطاهر بنجلون تراجيديا بالغة الأسى والشجن فالرؤية السردية نابعة من منظور المحيطين بالمريض،-فكما هو معروف فإن معاناة المحيطين به أكثر حزنا من المريض نفسه سيما في مراحله المتقدمة لوعي الشعور عندهم وتضاؤله عنده،- وقد عُرفت الرؤية السوداوية في سرد الطاهر بنجلون واهتمامه في نقل الواقع المؤسف بلغة فخمة في حزنها وأساها وواقعية متخمة بالتفاصيل الدقيقة، سواء في الصورة أو الحوار.