كشفت مراجعة علمية شاملة نُشرت حديثاً في مجلة Clinical Otolaryngology البريطانية المحكَّمة أن ضعف أو فقدان حاسة الشم ليس مجرد إزعاج يومي، بل هو أحد أقوى المؤشرات المبكرة لأمراض مميتة مثل الخرف، مرض باركنسون، السكتة الدماغية، وقصور القلب، وقد يسبق ظهور الأعراض الواضحة لهذه الأمراض بسنوات طويلة.

وأكد الباحثون أن اضطرابات الشم تصيب نحو 20% من سكان العالم، وترتفع النسبة بشكل ملحوظ بعد سن الستين ولدى الرجال، ومع ذلك لا يزال المجتمع الطبي يعاملها كأمر «ثانوي» رغم أنها أكثر شيوعاً من العمى أو فقدان السمع الشديد.

ووفقا للمجلة البريطانية العلمية الشهيرة شارك في المراجعة باحثون من جامعة إيست أنجليا البريطانية، والجامعة التقنية في دريسدن الألمانية، ومركز مونيل للحواس الكيميائية في الولايات المتحدة، ومؤسسة Smell Test الخيرية، وقسم علوم الحاسوب في جامعة كوليدج لندن.

حاسة الشم.. الجرس الخفي الذي ينذر بالخرف وأمراض القلب

مخاطر اضطراب حاسة الشم

وأشار الباحثون إلى أن من بين اضطرابات الشم التهاب الجيوب الأنفية المزمن، يليه الربو والحساسية والتليف الكيسي، لكن المفاجأة الحقيقية تكمن في الارتباط المبكر بأمراض التنكس العصبي ومرض الزهايمر والخرف، حيث تتراكم البروتينات الضارة أولاً في المنطقة الدماغية المسؤولة عن الشم، مما يجعل ضعف الشم من أقدم العلامات السريرية.

وأوضحت الدراسة أنه في مرض باركنسون يفقد 90% من المرضى حاسة الشم قبل ظهور الرعاش أو صعوبة الحركة بخمس سنوات على الأقل.

الأصحاء عرضة للإصابة بقصور القلب

كما كشفت المراجعة أن الأشخاص الذين يعانون ضعف الشم (حتى لو كانوا أصحاء ظاهرياً) أكثر عرضة للإصابة بقصور القلب أو السكتة الدماغية، ويتعرضون لمخاطر يومية خطيرة كعدم شم رائحة الغاز أو الحريق أو الطعام الفاسد.

وركزت على أن التأثير النفسي والاجتماعي لا يقل خطورة، حيث يتمثل في اضطرابات الأكل، العزلة، الاكتئاب، القلق، واتباع نظام غذائي غير صحي غني بالسكريات والدهون.

وطالب الخبراء بثورة طبية عاجلة من خلال إدراج «فحص الشم» ضمن الفحوصات الروتينية لكبار السن والفئات المعرضة، وتدريب الأطباء والممرضين على اختبارات الشم البسيطة والموثوقة، ووضع سياسات صحية عامة لتوعية المجتمع بأهمية هذه الحاسة «المنسية».

وقال الباحث الرئيسي في المراجعة العلمية البروفيسور كارل فيلوتو من جامعة إيست أنجليا «نحن نملك الآن أدلة علمية قاطعة تجعل تجاهل اضطرابات الشم خطأً طبياً غير مبرر، حاسة الشم ليست رفاهية، بل نافذة مبكرة على صحة الدماغ والقلب والجسم كله».