سلامة الزيد
سلامة الزيد
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
منذ مرحلة الدراسة الأولية هُيئت شخصيته بناء وصقلاً.. ومن مدرسته الابتدائية غرَّد شبل إذاعي بعُرف شدوه.. ومنهما شهدت «القريات» شمال السعودية بزوغ نجم إعلامي.. كل ذلك منحه تميزاً ومقدرة على الارتجال ومواجهة المجاميع منذ النشأة صغيراً حتى تغلغله في الإعلام كبيراً.. إنه الإذاعي سلامة الزيد.

تحوَّل حبه الطفولي للإذاعة لوعة وعشقاً شاباً، إلى أن سرقه الإعلام من «الدبلوماسية» بوزارة الخارجية، وهناك تخلى عن «الدبلوماسية» الإعلامية في طريق رؤية تفرز إعلاماً حراً يساند خطواته، ولن تُعدم الوسائل لجعل الحرية المنضبطة منبراً لإعلاميين جادين.


ومن طوافه بين وسائل الإعلام بأنواعها؛ شكَّل تحولاً في طبيعة عمله وبروزه كمذيع، ومع أول إطلالة على الشاشة قفز إلى الشهرة بأول برامجه «أوراق ملونة» الذي كان طريقاً لنجومية الكثير، ليأتي برنامجه الإذاعي الشهير «صوتك وصل» رابطاً بين المواطن والمسؤول بقضايا جادة ومنطلقات وطنية.

بين خبرة ثلاثة عقود ورحلة ألم وأمل ومعاناة قاسية؛ جاء من ينصف إعلاميا غير قابل للترويض، فلم ينكسر أو ينحني أو يلتفت، بل طرح إعلاماً مؤثراً وخاطب المتلقي ببساطة تحفظ الهيبة، وابتعد عن السقوط في فخ تشابه البرامج، ليقدم ما لم يقدمه مذيع آخر.

لم ينكر أن «خانة الفقراء» هي قدَر الإعلامي، ولم يمارس يوماً دور «الأستاذية»، ولم يؤمن بمقولة «عصر الإذاعة توارى»؛ لكنه اطمأن أن لكل منصة خصوصيتها وأسلوبها والفكرة هي الفيصل، وآمن أن تكريس نجومية الإعلامي دون بخس حقوقه عامل رئيس لنجاح الوسيلة الإعلامية ووصولها للناس.

وفي الوقت الذي كان بالأفق جمهور لوسائل الإعلام بلا ذاكرة، وبالساحة أسماء إعلامية بلا بصمات؛ كان جازماً في مطالبته باستقطاب إذاعيين مخضرمين مميزين ممن أبعدهم التقاعد للعمل مستشارين وخبراء، وتفعيل الطاقات الإذاعية المبدعة الموجودة، واحتواء جيل جديد خلّاق؛ لقناعته أن الشباب روح لا أعمَار، والإعلامي مثل الطبيب يزداد خبرة بزيادة الحاجة إليه.

ولما غادر بيته الإذاعي لم يجد نفسه إلا فيه، فعاد إليه مذيعاً ليقينه أن الإعلام إبداع وفكر وعطاء لا كراسي، فقدم قيمة حقيقية لجمهور ينتظر منه شيئاً مختلفاً، وبغيرته الوطنية ونقائه ووضوحه وصراحته الممتزجة بخفة ظل وضع بصمته في دائرة اهتمام المستمع.