مسن صيني يجلس خلف السور الذي يعني إغلاق مجمعه السكني. (وكالات)
مسن صيني يجلس خلف السور الذي يعني إغلاق مجمعه السكني. (وكالات)
-A +A
«عكاظ»، وكالات (بكين، لندن) OKAZ_online@
لليوم الثالث على التوالي، حذرت صحيفة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين من أن الصين ليس أمامها خيار سوى الاستمرار في التمسك بإستراتيجية صفر كوفيد؛ لإتقاء شرور المخاطر المتعلقة بتفشي فايروس كورونا الجديد. وجاء ما كتبته صحيفة «الشعب» اليومية أمس (الأربعاء) ليحطم كل أمل في أن تقوم الحكومة الصينية بتخفيف التدابير الوقائية، التي أحالت حياة الصينيين إلى جحيم، جراء الإغلاقات المتكررة، وإلزام السكان بالفحص الجماعي مرات عدة كل أسبوع، ومنع التنقل بين المحافظات. وكتبت الصحيفة الشيوعية أن الاستلقاء على الظهر لا يمكن النصح به لكسب المعركة ضد كوفيد-19. وتعاني الصين من ارتفاع متزايد في الإصابات الجديدة إثر تمتع سكانها بأسبوع إجازة، لمناسبة اليوم الوطني. وشهدت العطلة سفر كثيرين من المدن إلى قراهم والمدن الأخرى. وزاد الأمر تردياً ظهور سلالة متحورة جديدة سريعة التفشي تعرف بـ BF.7. ويحدث ذلك كله قبل أيام من انعقاد المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني، الذي من المقرر أن يعيد انتخاب الرئيس شي جنبينغ لولاية ثالثة. وعمدت مدن عملاقة، أبرزها شنغهاي، التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد، إلى تشديد التدابير الاحترازية. ومن ذلك إلزام السكان بالفحص مراراً. وفي إحدى مدن جنوب غرب الصين قررت السلطات منح مكافآت مالية لمن يبلغ عن أي فرد يحاول إخفاء معلومات عن سفره خارج المدينة. وقالت السلطات الصحية أمس (الأربعاء)، إنها رصدت 1760 إصابة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في مقابل 2089 حالة جديدة الإثنين. وتم اكتشاف إصابات جديدة في معظم مدن الصين الكبرى، خصوصاً شنغهاي، وبكين، وتشيان، وشينزن. وعلى رغم أن عدد تلك الإصابات ضئيل قياساً بعدد سكان تلك المدن، أو سكان الصين ككل، فإن السلطات تبدي قلقاً استثنائياً من تلك الحالات. وكانت نتيجة حرصها على انتهاج سياسة «صفر كوفيد» ثمناً فادحاً على الاقتصاد والسكان. وعلى رغم ذلك حضت صحيفة «الشعب» الأسبوعية سكان البلاد على ارتضاء تلك السياسة. وكتبت الأربعاء، أن التمسك بالقضاء على الإصابات الجديدة حيث يتم تسجيلها خلال وقت وجيز هو وحده ما يحول دون زيادتها، وتدهور إصابات المرضى ووفاتهم، وهو ما من شأنه أن يكثف الضغط على الموارد الطبية للبلاد. وأضافت: حال تخفيف إجراءات منع الوباء والتحكم فيه سيصاب عدد كبير من الناس بالفايروس، وستتدهور الحالة الصحية لعدد كبير من المصابين وسيموتون. ولا تنحصر تبعات إستراتيجية «صفر كوفيد» في الداخل الصيني. فقد خفض صندوق النقد الدولي (الثلاثاء) توقعاته للنمو في الصين إلى 3.2% خلال 2022، وإلى 4.4% خلال 2023، محذراً من أن الإغلاقات المتكررة، الناجمة عن سياسة «صفر كوفيد»، ألحقت ضرراً كبيراً بالاقتصاد الصيني. وذكر صندوق النقد الدولي في استشرافه لآفاق الاقتصاد العالمي، أنه بسبب حجم الاقتصاد الصيني، وأهميته بالنسبة إلى سلاسل الإمداد الدولية، فإن الخلل الناجم عن تطبيق التدابير الوقائية سيؤثر أيضاً في التجارة العالمية. وأعلنت السلطات المحلية في مدينة كويجينغ، بمحافظة يونان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 5.7 مليون نسمة، أن أي مواطن يبلغ عن شخص حاول إخفاء قيامه برحلة إلى المناطق التي تتزايد فيها احتمالات الإصابة بالفايروس، مثل التبيت وشينيانغ، سيمنح مكافأة تبلغ قيمتها 500 يوان (نحو 70 دولاراً). ومن يحدد أقارب أو مخالطي المسافر المعني سيمنح ألفي يوان. وإذا جاءت نتيجة فحص PCR، الذي سيُخضَع له الشخص المُبلَّغ عنه إيجابية فستكون المكافأة المالية أكبر.

وأشارت تقارير أمس (الأربعاء) إلى أن مدينة شنغهاي قررت إغلاق المدارس، وعودة طلبتها للتعلم عن بعد، ومعظم المرافق الترفيهية، في مسعى يائس إلى وقف تفشي الفايروس، قبل انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الذي يستأثر بالحكم منذ عقود. وتم إغلاق دور السينما، والحانات، وأندية اللياقة البدنية، بحسب بيان أصدره مكتب مكافحة الأوبئة الصيني. لكن سلطات المدينة قالت، إن الإغلاق لم يشمل جميع مدارس المدينة؛ في محاولة للرد على الحملات الانتقادية القاسية التي شنتها مواقع التواصل الاجتماعي على السياسات الوبائية التي تنتهجها الحكومة الصينية. وقال سكان (الأربعاء) إن المدارس، وأماكن الترفيه، والحانات، وأندية اللياقة البدنية أغلقت تماماً في خمسة أحياء على الأقل في أكبر موانئ الصين وعاصمتها المالية. وشكا عدد كبير في مواقع التواصل من تمسك السلطات بسياسة «صفر كوفيد» إلى ما لا نهاية. وأعربوا عن خوفهم من أن يكون مصيرهم الإغلاق وهم خرجوا لتوهم من إغلاق استمر شهرين. ومما يذكر أن الرئيس الصيني شي جنبينغ اعتبر «صفر كوفيد» ركيزة أساسية في سياسة حكمه للبلاد. وربما لهذا ظلت صحيفة الحزب الحاكم تكتب على مدى الأيام الثلاثة الماضية افتتاحية تدافع عن تلك الإستراتيجية، في وقت ارتضت فيه الدول الأخرى سياسة التعايش مع الفايروس، دون عودة للتدابير المشددة.


حض مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تادروس غبريسيوس، دول العالم على إطلاق مساعٍ فورية مستمرة لمواجهة مرض «كوفيد المزمن»، الذي قال إنه يدمر حياة عشرات الملايين ومعيشتهم، ويضر ضرراً شديداً بالمنومات الصحية والاقتصادية للدول. وقال غبريسيوس - في مقال نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس - إن من الواضح أن كثيرين ممن أصيبوا بالفايروس وتعافوا منه لا يزالون يشعرون بتطاول معاناتهم. وفيما ارتفع العدد التراكمي لإصابات العالم بكوفيد-19 منذ انطلاق الفايروس من ووهان في الصين نهاية 2019 إلى أكثر من 627 مليوناً أمس (الأربعاء). وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما بين 10% و20% من الناجين من كوفيد-19 تواصلت معاناتهم من الأعراض، التي تشمل التعب، وضيق التنفس. ويعتقد أن النساء أكثر تعرضاً لمرض كوفيد المزمن. وأوضح غبريسيوس أنه في ظل غياب وسائل واضحة لمعالجة هذه الحالة، يقلب كوفيد المزمن حياة مرضاه رأساً على عقب، ويعاني بعضهم فترات طويلة من دون وجود سند ولا إرشاد. وقال إنه فيما أدت اللقاحات والأدوية إلى ظهور ضوء في نهاية نفق كوفيد-19؛ إلا أن تبعات «كوفيد الزمن» باهظة جداً على جميع الدول. وطالبت الدول بتكثيف الأبحاث في شأن هذا المرض، وتوفير رعاية للمصابين به، إذا أرادت تلك الدول تقليص المعاناة، وحماية منظوماتها الصحية، وقواها العاملة.. وزاد أن من الحيوي أن تستثمر الدول على المدى الطويل في منظوماتها الصحية، وقواها العاملة، بوضع خطة للتعامل مع «كوفيد المزمن». وذكر أن تلك الخطة ينبغي أن تشمل توفير مضادات الفايروسات للمرضى الذين يواجهون مخاطر تردي حالاتهم الصحية، والاستثمار في الأبحاث، وتقاسم أدوات جديدة للمعرفة، وتوفير الرعاية الصحية البدنية والعقلية للمصابين، وإتاحة السند المالي لمن جعلهم كوفيد المزمن غير قادرين على العمل. يذكر أن صحيفة «الغارديان» أطلقت حملة عالمية واسعة النطاق تحت شعار «التعايش مع كوفيد المزمن».

إجراءات فورية لكبح «كوفيد المزمن»