سلسلة من الغارات الجوية ينفذها طيران الاحتلال الإسرائيلي مستهدفاً أطراف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان.
سلسلة من الغارات الجوية ينفذها طيران الاحتلال الإسرائيلي مستهدفاً أطراف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان.
-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziaditani23@

«من الإشغال إلى الإشعال»، هذا ما يختصر الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل.

أولى المناوشات بعد أحداث 7 أكتوبر وعملية «طوفان الأقصى» بررها أمين عام حزب الله حسن نصرالله على أنها إشغال للجيش الإسرائيلي؛ بهدف تخفيف الضغط عن قطاع غزة من جهة القوة النارية والعدد بالنسبة للإسرائيليين.

معادلة لم يكتب لها العيش أو الترسيخ حيث كان الإسرائيليون على استعداد لفتح أكثر من جبهة ومحور، ولعل ما يحصل في الضفة الغربية المحتلة أكبر دليل على ذلك.

105 هو عدد المقاتلين من حزب الله الذين سقطوا منذ السابع من أكتوبر في القرى والمواقع الحدودية، هو عدد ليس بالقليل أبداً على جبهة لم تشهد اقتحامات برية ولا توغلات كبرى، بل كل ما شهدته قصف متبادل بالصواريخ والمسيرات.

تحولت جبهة الجنوب اللبنانية «من الإشغال الى الإشعال»، حيث بات الوضع ينذر بانفجار كبير؛ أي تتوسع حرب غزة لتشمل لبنان. وهو إنذار حمله أكثر من مبعوث غربي ودولي إلى المسؤولين اللبنانيين، ولعل أبرزهم وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي كانت واضحة أمام المسؤولين اللبنانيين، بالقول: «تجنبوا الحرب، إسرائيل تستعد لها».

يحاول الحزب وحلفاؤه تجنب الحرب، ولكن من دون أثمان سياسية التي تم التلويح بها؛ أي تعديل القرار 1701 تحت بند تفعيله، وبالتالي إعطاء إسرائيل ما لم تأخذه قبل 7 أكتوبر.

من جهتها، إسرائيل تريد الحرب، إذ يرى نتنياهو أن اللحظة مناسبة لضرب الحزب وبنيته التحتية وإعادة لبنان 20 سنة إلى الوراء، وهو ما يمنح الأمن للمستوطنات شمال إسرائيل. بالمقابل الولايات المتحدة لا تريد توسيع الحرب كما لا تريد انهيار لبنان بشكل كلي.

مزاجات متناقضة تتجاذب الوضع اللبناني، لكن أبرز ما قيل هو ما قالته وزيرة الخارجية الفرنسية في المؤتمر الصحفي الذي عقدته في قصر الصنوبر في بيروت مساء (الاثنين) الماضي: «لبنان لا يحتمل حرباً، وإن وقعت فلن يكون قادراً على القيام مجدداً...».

تهديد وجودي يلوح في الأفق اللبنانية، نتنياهو وحكومة الحرب التي معه تريد حرباً فرصتها لن تتكرر، واللبنانيون بئسوا الحروب، ويريدون سلاماً كي لا تتكرر مآسي الحرب.

نائب ووزير سابق وبعد جولة له في عواصم أوروبية عدة، قال في مجلس خاص في بيروت: «الحرب الإسرائيلية على لبنان حتمية، ولا يبدو أنّ هناك مفرّاً منها، إنها مسألة وقت، والأمريكي والأوروبي لا يمتلكون القدرة على منع نتنياهو من الحرب».

بالمقابل، شخصية مقرّبة من حزب الله تقول: «الحزب يتعامل مع الأمر بجدية، وإن الحرب وشيكة، هناك منطق إسرائيلي جديد، منطق مجنون لا يعرف سوى القصف والدمار والحروب. علينا توقّع كل شيء من نتنياهو».

هي الحرب تلوح في سماء لبنان، تحتاج إلى معجزة سياسية؛ كي تُمنع في زمن تغيب فيه المعجزات.