وزيرا الخارجية والري المصريان خلال الاجتماع الافتراضي الذي انتهى بالفشل أمس الأول.
وزيرا الخارجية والري المصريان خلال الاجتماع الافتراضي الذي انتهى بالفشل أمس الأول.
-A +A
محمد فكري (جدة) okaz_online@
على خلفية التعنت الإثيوبي والإصرار المصري السوداني على التمسك بحقوق البلدين، عادت أزمة سد النهضة إلى نقطة الصفر مجدداً، بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة. الملف المعقد والشائك، الذي تنقل بين واشنطن والقاهرة والخرطوم في محاولة للبحث عن حلول مرضية لمحتلف الأطراف، يبدو أنه دخل النفق المجهول، إلا أن الشاهد أن الاجتماعات والمفاوضات التي دخلت عامها العاشر على التوالي تحطمت نتائجها على صخرة الخلافات.

ولا تزال عملية التفاوض تدور في الفراغ حول عدة نقاط يتخوف المراقبون أن تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار مسار التفاوض والبحث عن بدائل أخرى ستكون كلفتها باهظة، ومن هذه الخلافات مدى إلزامية أي اتفاق بين الدول الثلاث، إذ تتمسك القاهرة والخرطوم بضرورة التوصل إلى اتفاقية ملزمة حول قواعد ملء وتشغيل السد، فيما تريدها أديس أبابا مجرد إطار عام أو إرشادات لا قيمة لها أمام القانون الدولي.


كما برزت خلافات حول تعديل الاتفاقية، فمصر والسودان تريدان اتفاقاً صامداً، بينما ترغب إثيوبيا في تعديل الاتفاق في أي وقت تشاء، ليس هذا فحسب بل وبشكل منفرد. أما فيما يتعلق بآلية حل النزاع، فإن الخرطوم والقاهرة تسعيان إلى إنشاء آلية قانونية، فيما تريد أديس أبابا أن تكون الحلول عبر لجان تفاوضية.

ولاشك أن هذه الهوة السحيقة بين مواقف أطراف الأزمة المعقدة، فاقمت المخاوف من عدة جوانب؛ لعل في مقدمتها احتمال التأثير في الحصص المائية لمصر والسودان، ما يؤدي إلى أن تتسبب في أضرار بيئية، فضلاً عن المخاوف من انهيارات وفيضانات محتملة. ورغم الحديث عن تحقيق تقدم أو إنجاز في الجوانب الفنية، تبقى الخلاقات القانونية بمثابة الصخرة التي يمكن أن تتحطم عليها عملية التفاوض.

وكشفت القاهرة في بيانها إخفاق الاجتماع، وأنه لم يحدث تقدم بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية، إذ تمسك السودان بضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقي بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق سد النهضة، وهو ما تحفظت عليه مصر وإثيوبيا تأكيداً على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل السد، خصوصاً أن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود.