صورة أرشيفية للحرب الأهلية في لبنان خلال ثمانينات القرن الماضي
صورة أرشيفية للحرب الأهلية في لبنان خلال ثمانينات القرن الماضي
-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
بين الغباء والاستغباء يتراوح توصيف الأحداث المتصاعدة في لبنان لإنهاء اتفاق الطائف، تارة تحت عنوان تغيير النظام وتارة أخرى تحت شعار الفدرالية.

كل الدوائر اللبنانية الرسمية وغير الرسمية تقر بأن هناك استحالة في إسقاط اتفاق الطائف، بداية كدستور ونص ومن ثم كاتفاق أنهى الحرب اللبنانية وأوجد صيغة للتعايش بين الطوائف والأحزاب السياسية.


«اتفاق الطائف» لم يأتِ كحالة ترف سياسية ولا من خلال حراك سياسي روتيني طبيعي، بل جاء وسط قتال وصواريخ ورصاص وقتلى في الشوارع مع فشل اللبنانيين في الوصول إلى اتفاق لوقف رواية العنف التي كانت تعصف باللبنانيين في حينه.

ما سُمي هذا الاتفاق بـ«الطائف» فقط لأن مدينة الطائف هي التي استضافت القيادات اللبنانية البرلمانية في حينه، بل لأن هذا الاتفاق جاء بفعل مسعى وجهد ومثابرة دولية وعربية. النواب اللبنانيون كانوا في حينه أعجز من الوصول الى مثل هكذا اتفاق من دون هذه المظلة الدولية وتحديداً الأمريكية، والعربية وتحديداً السعودية.

على خلفية كل ذلك، فإن تجاوز أو إسقاط اتفاق الطائف لا يمكنه أن يأتي عبر اتفاق «مار مخايل» ولا اتفاق «معراب» ولا حتى اتفاق «قصر بعبدا»، فالاتفاق الذي صيغ برعاية دولية لا يمكن أن يُلغى إلا باتفاق آخر برعاية مماثلة.

لم يستطع اللبنانيون عبر تاريخهم الوصول إلى أي اتفاق وطني إلا بضغط وجهد عربي، من وثيقة الوفاق الوطني مع الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح مرورا باتفاق القاهرة مع الرئيس شارل حلو وانتهاء باتفاق الطائف.

الأصوات المطالبة بإسقاط اتفاق الطائف لا تهدف التغيير بقدر ما تستهدف حرف أعين اللبنانيين عن الواقع الاقتصادي والمالي الذي أوصلته القوى السياسية وعلى رأسها حزب الله إليه.

الحل ليس بإسقاط «اتفاق الطائف» بل عبر تطبيقه وهو الذي لم يطبق حتى الآن، فهو الذي نص على إلغاء الطائفية السياسية عبر إنشاء مجلس شيوخ، وهو الذي نص على المناصفة حماية للمسيحيين كجزء أساس من تكوين لبنان، وهو الذي نص على المشاركة لا الاستئثار عبر تعزيز صلاحيات مجلس الوزراء وليس رئيس مجلس الوزراء كما يروج البعض.