رضوان السيد
رضوان السيد
-A +A
عرض: علي الرباعي Al_ARobai@
يؤكد المفكر السعودي الدكتور رضوان السيّد، أن الصراع عقب عام 2001، وغزو أفغانستان والعراق، وصيرورة الإسلام مشكلة عالمية، تصارع على الإمساك بروحه 4 أطراف، هي الجهات الدولية التي تشنُّ حرباً عالمية على الإرهاب السني، وتدعو «المعتدلين» من العرب والمسلمين إلى التضامن معهم لتحرير الإسلام من خاطفيه، والأنظمة العربية والإسلامية التي تريد استعادة الاستقرار بالدواخل، والمؤسسات الدينية التي لا تزال قائمة وتريد استعادة السكينة في الدين، والإحيائيون، والصحويون الذين يريدون الإفادة من تطرف الإرهابيين ومن توجُّس الأنظمة من جاذبيات المتطرفين لدى الجمهور، للاستثمار في ما صار يُعرف بالإسلام السياسي.

وأوضح، أن الحديث عن الإصلاح الإسلامي غدا جزءاً من إستراتيجية السياسات الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، فظهرت عولمة تحديث الإسلام، كون الأصولية الإسلامية لم تعد ذات أثر إقليمي محدود ضمن منطقة الشرق الأوسط، وإنما أصبحت ذات تأثيرات دولية بالغة الأثر على الاقتصاد وحركة المال والسياحة الدوليين.


ويرى السيد، أن إمكان استخدام الإسلام لصالح النظام الرسمي، وإمكان استبعاد الإسلام من دائرة التأثير الاجتماعي والسياسي في العالمين العربي والإسلامي من الوهم.

وعدّ مهمة تجديد الإسلام من داخله صعبة بل تكاد تكون مستحيلة، في ظل اعتبار السياسات الدولية التي ستعرقل ـ على الرغم من ادعائها الدعم ـ جهود التجديد التي يقوم بها المصلحون من داخل مجتمعاتهم، إضافة إلى أن أولئك المصلحين يجدون أنفسهم في صراع فكري مع التفسيرات الأصولية للإسلام التي تجد شرعيتها الشعبية في الاحتلال والمقاومة، ما يعسر تقديم الإسلام باعتباره رؤية متصالحة مع العالم تؤمن بالقيم الإنسانية المشتركة، ومصير مهمة كهذه الإخفاق المستمر، ذلك أن من يجد هويته مجروحة أو مهدّدة لا يفكر في تجديدها أو تغييرها، بل إنه يقبل بها على علاتها خوفاً من أن تؤدّي محاولات تطويرها إلى زوالها.

إن السيّد يستند في الكثير من قراءته إلى التحوّلات الفكرية والمعرفية التي مرّ بها الفكر الإسلامي إلى مفهوم «رؤية العالم»، ذلك المفهوم الذي صكه الفيلسوف الألماني المعروف (فلهلم دلتاي)، والذي شاع في أوساط المؤرخين والأنثربولوجيين منذ مطلع القرن العشرين، بحيث صار اليوم إحدى المقولات الكلية التي تدخل في مضمون الثقافة.

ويؤكد السيد، أن إدراك التصور المعرفي والثقافي للحركات الأصولية، الذي منه تنطلق في تعاملها مع العالم، من شأنه أن يمدّنا بآليات تحليل إستراتيجية وليست آنية لعلاقاتها وصراعاتها مع ذاتها ومع غيرها من التصوّرات والإدراكات، ذلك أن خطاب الأصولية الإسلامية في فترة من فتراته متشابه تماماً مع خطاب الحركات القومية واليسارية العربية الذي ساد خلال الحرب الباردة، خصوصاً في ما يتعلق بالنظرة إلى الغرب، وهو ما يدعو إلى القول، إن البنية الأساسية لوعي العقائديات والحتميات لدى سائر التيارات الفكرية والسياسية العربية والإسلامية كانت واحدة، وظلّت كذلك إلى مطلع التسعينات من القرن العشرين.

ويذهب إلى أن الصراعات صراعات على ساحة السلطة، وعلى المواقع في دولها ومجتمعاتها، وليس نتيجة الاختلاف في رؤية العالم، ذلك أنه مع انجراحات العلاقة مع الغرب في فلسطين وغيرها أصبح الغالب لدى جميع التيارات الفكرية العربية سؤال الحفاظ على الهوية، ومع الحرب على الإرهاب، أصبح صراعاً على الإسلام، وهو صراع شامل يتجاوز طرائق الحفاظ على الهوية إلى تحديات وجودية في الوعي والواقع.

وأضاف، وهناك صراعٌ يمكن أن يكون أشد هولاً على المصائر، هو الصراع على الإسلام، مع «الإخوان»، وفي ذروة شرور الدواعش والقاعديين ظلَّ همّي للوعي العميق بالخطر أن يتسنَّم الصحويون جاذبيات حركات التغيير الجماهيرية (والعين على ما كان جارياً بمصر منذ عام 2012). وولاية الفقيه وولاية المرشد، والتناظر بينهما، وإمكان تحالُفهما لأنهما تحملان الفكرتين الأساسيتين: استعادة الإسلام للمجتمعات والدول (بزعم غفلة المجتمعات أو خروجها على الدين)، والكراهية العمياء للدولة الوطنية الحديثة في العالمين العربي والإسلامي.

وحمّل (مثقفين وعلماء دين وإدارات) التقصير، وسوء التقدير، كون أطفالنا وشيوخنا وفتياتنا لا يستحقون بسبب أخطائنا أن يسيطر على مصيرهم ومستقبلهم مسلحو الحماسيين والحوثيين و«القاعدة» و«داعش» و«أحزاب الله» وعبدة السلطة من كل لون.