مدفع رمضان بقذيفته القماشية، في قلعة أعيرف بطابعها التراثي والتاريخي.
مدفع رمضان بقذيفته القماشية، في قلعة أعيرف بطابعها التراثي والتاريخي.
-A +A
متعب العواد (حائل) Motabalawwd@
افتقد الحائليون صوت مدفعهم الرمضاني بعد أن عاشوا معه سنوات طويلة، فبعد أن كان المدفع يرافقهم في صومهم وإفطارهم، فضل الصمت والانزواء إلى زاوية في التاريخ تاركا أحياء العليا ومغيضة وغيرها تحكي ذكرياته. ويتناقل كبار السن الأحاديث عنه في الوقت الذي يراه الصغار ضرباً من خيال، وكان المدفع يقذف تسع قذائف من البارود لإعلان دخول رمضان، وتسعاً أخرى لحلول عيد الفطر، فالصائمون يفطرون على صوت قذيفة واحدة عند الإفطار، وأخرى عند وقت السحور.

هكذا كانت مهمة مدفع رمضان بقذيفته القماشية المحشوة بالبارود، التي تنطلق من فوهته في قلعة أعيرف وسط مدينة حائل، وتطل القلعة الشهيرة على مدينة حائل بطابعها التراثي والتاريخي وتحاكي في طرازها المعماري مثيلاتها من المباني الدفاعية المعروفة في عمارة نجد، إذ تقع في أعلى قمة جبل يشرف على المدينة من الجهة الجنوبية وبنيت من الحجر والطين قبل عام 1260هـ (1840).


وتبلغ مساحة القلعة 440 متراً مربعاً من الطين واللبن وزودت بالأبراج والفتحات لمراقبة الأعداء والدفاع عن سكانها من أخطار الخصوم والغزاة حتى أضحت بمثابة الحارس الآمين للمدينة ومن يقطنها، ثم توالت عليها الإضافات والبنايات حتى وصلت لشكلها الحالي «قلعة مستطيلة الشكل ومتوسطة الحجم يحيطها سور متين ومزودة بفتحات لتصريف مياه الأمطار».

والقلعة مزودة بكل ما يحتاج إليه المرابط، إذ تتوافر فيها أماكن للنوم ومصلى ودورات للمياه، إلى جانب كثرة أعداد الأبراج وفتحات المراقبة والدفاع بداخلها التي يبلغ عددها 30 برجاً ظلت شاهدة على زمن انعدم فيه الأمن وتفشت فيه الفرقة والفوضى وسيطر الخوف فيه على نفوس الحائليين القدامى إلى أن تحولت القلعة في عصور حديثة لموقع يستطلع من خلاله هلال شهر رمضان ويطلق منه مدفعه ذو الصوت الشديد لتنبيه الصائمين عندما يحين موعد إفطارهم قبل أن تتحول إلى مزار سياحي يقصدها الزوار والسياح للمدينة خلال الإجازات والمهرجانات في هذا العهد الزاهر الذي عمت فيه نعمة الأمن والأمان والإخاء أرجاء المملكة.