-A +A
نادر العنزي (تبوك) nade5522@
لا يزال عدد من المرضى الذين يعانون من الجلطات وعرق النساء و«أبو وجه» وغيرها يلجأون للعلاج بـ«الكي» رغم

تقدم الطب والثورة التي شهدتها العلوم الطبية بمختلف تخصصاتها. هو العلاج الذي عرفه الناس قديماً كإحدى الوسائل في مداواة الأوجاع، مؤمنين بالمقولة الشهيرة «آخر العلاج الكي».


«عكاظ» اقتربت من معالجين شعبيين، مساكنهم متهالكة، أدواتهم النار و«المطارق» دون تطهير أو وسائل حماية، يضع المعالج الآلة الملتهبة على رأس أو قدم أو صدر المريض بلا رحمة، مع أن دراسات تشير إلى أن أضرار الكي أكثر من فوائده، وأكدت أنه يشكل خطراً كبيراً على مرضى القلب والسكري واحتمال التهاب الجروح بسبب التلوث.

وتواصلت «عكاظ» مع اثنين من المعالجين الشعبيين، أحدهما زعم تخصصه في علاج مرض (أبو وجه)، أوهمناه أن لدينا مريضا بحاجة للكي، بدا عليه الخوف لأول وهلة وتردد قبل أن يسأل عن تاريخ إصابته بالمرض، ثم اعتذر خائفاً «أنا مشغول حالياً».

أما الآخر فهو طبيب شعبي مشهور بعلاج الجلطات، فاتصلنا به عدة مرات ولم يرد، إلا أن أحد الأشخاص أكد أن والده أصيب بجلطة دماغ قبل أسبوع، ونقل للمستشفى وتلقى العلاج وتم تنويمه، وبعد يومين أخرجوه على مسؤوليتهم ونقلوه إلى نفس الطبيب الشعبي الذي يسكن بإحدى القرى ليتم كيه. ولفت إلى أن والده يبلغ من العمر 85 عاماً، ولجأوا لـ«آخر العلاج»، بعد تجارب أناس تعافوا على يد هذا الطبيب، وقال إنهم اتخذوا الاحتياطات الاحترازية بتعقيم أنفسهم ووالدهم.

تشوهات.. ومعدات ناقلة للعدوى

في الوقت الذي تتخذ الدولة كافة الاحتياطات الاحترازية للحد من انتشار فايروس كورونا، ومن ضمنها التعقيم والتباعد والابتعاد عن التجمعات، إلا أن الأطباء الشعبيين يستقبلون المرضى ويقدمون لهم العلاج. واستطلعت الصحيفة آراء مختصين وسألتهم عن خطورة العلاج بالكي، وعن نقل معدات الكي للفايروسات ؟

ويأسف استشاري أمراض وجراحة الجلد والليزر بجامعة الملك سعود الدكتور سليم سامي الكريع، من استمرار البعض في العلاج بالكي، رغم سهولة الحصول على المعلومة واستشارة المختصين، فمؤثرات الكي حروق جلدية، وندبات دائمة تنتهي بها الحال أحياناً إلى التشوه طول العمر، وفي النهاية فهي لا تفيد وإنما تؤخر فقط أوان ذهاب المراجع إلى الطبيب، بعد أن يكون تقدم به المرض ووصل لمراحل أصعب.

أما خطورته في ظل أزمة كورونا فواضحة، ومن يقوم بالكي يتواصل عن قرب مع المريض وذويه، في بيئة خالية من سبل التعقيم والتوصيات المتبعة بالمستشفيات والمراكز الصحية، وهذا يزيد من نسبة انتقال أي أمراض فايروسية تنتقل عبر الهواء أو الرذاذ.

وعلى السياق ذاته، يشير أخصائي المخ والأعصاب الدكتور فيصل المالكي إلى مشكلة أساسية، وهي أن الكي ليس علاجا للسكتات الدماغية، ولم تثبت أبداً فاعليته، وبالنسبة لنقل الفايروسات فالكي بحد ذاته لا علاقة له بنقل الفايروس، ولكن اختلاط المعالجين والمرضى قد يسبب نقل العدوى بالفايروس، لا سيما أنهم لا يحملون رخصا لمزاولة المهنة، وفي الأصل الكي غير معترف به علاجا للجلطات.

لماذا تخشون مراجعة الأطباء ؟

طبيب الأعصاب والصرع وتخطيط الدماغ الدكتور خالد القاضي، قال إنه لا يمكن القبول بهذه الممارسات الخاطئة في الأوقات العادية لأنها لم تثبت فائدتها، وقد تكون مضرة في الوقت الحالي، ومع انتشار فايروس كورونا الوضع أخطر لأسباب عدة، فقد يستعين بها المريض لأسباب مختلفة، منها سهولة الكي وخشية الذهاب إلى الطبيب والمستشفيات بسبب انتشار الفايروس، فالخطورة تتمثل في مخالطة المعالجين، واستخدام الآلات التي يتم الكي بها، وهي تصرفات قد تزيد من خطر الإصابة بالفايروس، والكي قد يؤدي إلى التهابات جلدية تضعف الإنسان وتسهل انتقال العدوى إليه.

أما استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور عواد الذايدي، فطالب بتقنين الكي، والرقابة على المعالجين بسبب الالتهابات التي يسببها سواءً فايروسية أو غيرها، لأن من يقوم بالكي لم يتعلم تحت مظلة واضحة، كما أن الأدوات التي يستعملها غير معروفة نظافتها وتعقيمها، وفي الوقت الراهن انتقال الفايروس لدى متخصصي الكي ربما يكون بسبب الاختلاط الذي منعته الجهات المختصة ضمن الخطوات الاحترازية.

ويتفق أستاذ علم الفايروسات الدكتور فهد المجحدي مع الآراء السابقة، ويضيف: لا توجد أي تقارير علمية عن تداخل الكي في نقل الفايروسات إلا من خلال التلوث من شخص مصاب إلى آخر سليم، وفي الوضع الراهن يجب الحذر بشكل كبير وعدم الاعتماد على الطب الشعبي غير المصرح رسميا.

قائمة الطب التكميلي خالية من الكي

فيما تؤكد طبيبة الأمراض الباطنية المتخصصة في الأمراض المعدية الدكتورة مشيرة عناني، أن الكي من الممارسات الخاطئة التي تساهم في انتشار العدوى، وهي مخالفة للالتزام بالتباعد الاجتماعي. إذ حذر المركز الوطني للطب البديل والتكميلي في وقت سابق من انتشار بعض الادعاءات العلاجية الخاطئة التي يزعم أصحابها قدرتهم على علاج الكثير من الأمراض، ومن ضمنها العلاج بالكي، مبينة أن ممارسات الطب البديل والتكميلي المرخصة في المملكة حاليًا هي: العلاج بالوخز بالإبر، وتقويم العظام، وتقويم العمود الفقري، والمعالجة الطبيعية، وشرع المركز أخيرا في الترخيص بممارسة الحجامة وفق ضوابط وضعها تحت مسمى «ضوابط تنظيم ممارسة الحجامة للممارسين والمؤسسات».