محمد أمين مرداد
محمد أمين مرداد




المحكمة العامة في جدة. (عكاظ)
المحكمة العامة في جدة. (عكاظ)
-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@
كشفت مصادر لـ«عكاظ» أن محاكم سعودية أصدرت قرارات بالحجز التحفظي على عدد من الصكوك وحجج الاستحكام بمساحات كبيرة، وخاطبت كتابات العدل للتحقق من نظاميتها بعد رصد ملاحظات عليها.

وتأتي خطوة وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا في إبطال صكوك وحجج استحكام وتعديل مساحات لتصحيح أخطاء وتجاوزات واستعادة أراض مملوكة للدولة.


وتتزامن الخطوة مع قرار دعم عدد من لجان فحص الصكوك ومضاعفتها بنسبة 100% في عدد من كتابات العدل لتسريع العمل واختصار الجهد والوقت لفحص وتدقيق المساحات الكبيرة التي تزيد على 10 آلاف متر، أو الصكوك القديمة التي صدرت في حقب سابقة وشابتها مخالفات بإضافة مساحات للصكوك. وألغت وزارة العدل صكين غير نظاميين ونقلتهما إلى أملاك الدولة بمساحة تتجاوز مليونا ونصف المليون متر مربع في الرياض وتم تخطيط 1200 قطعة.

وأضافت المصادر أن مئات من الصكوك وحجج استحكام تقرر إلغاؤها وإبطالها في المناطق بأوامر قضائية عقب ثبوت تزوير على بعضها واستخراج أخرى بطرق مخالفة للنظام.

وعلمت «عكاظ» أن محاكم الاستئناف في مناطق عدة تلقت أخيرا جملة من الإجراءات الخاصة بسلامة الإجراءات الخاصة بعدد من الصكوك وحجج الاستحكام ذات المساحات الكبيرة في محافظات كبرى التي أحيلت إليها من محاكم الدرجة الأولى للنظر فيها إما بمعالجة وتصحيح بعض الجزئيات أو إلغاء الحجج والصكوك إذا تبين استخراجها بطرق مخالفة.

وقال عضو المجلس الأعلى للقضاء الشيخ محمد أمين عبدالمعطي مرداد لـ«عكاظ» تعليقا على سحب وإلغاء صكوك في جدة والرياض، «هذه ليست الصكوك الوحيدة التي تم إلغاؤها، هناك صكوك كثيرة بمساحات كبيرة وإن سحب الصكوك وإلغاءها إذا كانت صادرة من كتابة عدل فإن المختص بدراستها هي محكمة الاستئناف، وإذا كان الصك صادرا من المحكمة العامة فإن المحكمة العليا هي المختصة ولهما كجهتين قضائيتين إلغاء محتوى الصك».

وأضاف مرداد، آلية إلغاء الصكوك هي أنه إذا ورد صك من جهة عليا أو إدارة حكومية أو من إدارة التفتيش في المجلس الأعلى للقضاء فإنه يعرض على أنظار رئيس المجلس للتوجيه، فإذا كان الصك صادرا من كتابة العدل فإن محكمة الاستئناف هي من انعقدت الولاية لها لدراسة الصك بين إمضائه أو إلغائه، أما إذا كان الصك صادرا من المحكمة العامة فإن الولاية تنعقد للمحكمة العليا وهي من لها الصلاحية لإمضائه من عدمه.

15 ملاحظة تلغي «حجة استحكام» الـ 5 مليارات ريال

شهدت ساحات المحاكم على مدى السنوات الخمس الأخيرة حالة استنفار في ما يتعلق بالصكوك وحجج الاستحكام المخالفة. وكانت البداية في قرار المحكمة العليا بإلغاء حجة استحكام كبيرة على مساحات 70 مليون متر مربع عقب مرور 43 سنة على استخراجها. واطلعت «عكاظ» على وثائق وصكوك لأكبر المساحات الملغاة خلال السنوات الأخيرة، منها صك لمزرعة على مساحة 12 مليون متر مربع استخرج قبل 44 سنة بشكل مخالف، في حين صدرت أوامر قضائية مماثلة بشطب صكوك لمساحات صغيرة تقارب 500 متر مربع، فضلا عن أن كتابة العدل في جدة انتهت العام الحالي من تدقيق 200 صك مشبوه، وتستكمل فحص نحو 300 صك من قبل لجنة فحص الصكوك ذات المساحات الكبيرة.

ودلت المعلومات أن المحكمة العليا أبطلت حجة استحكام صدرت قبل 44 سنة لأرض قيمتها السوقية قدرت بنحو 5 مليارات ريال، عبارة عن أرض متنازع عليها في منطقة بين مكة المكرمة وجدة، على مساحة 12 مليون متر مربع وتضمن الحكم إبطال كل ما تفرع عنه من صكوك.

وروت مصادر أن نقض حجة الاستحكام جاء على خلفية نزاع بين عدد من رجال الأعمال حول ملكية الأرض، وباشرت المحكمة العليا إبطال حجة الاستحكام، وجاء في المداولات أن رجل أعمال استحكم صكا على مساحة تزيد على 12 مليون متر مربع من قاض سابق في محكمة مكة المكرمة قبل 44 عاما عن طريق الإحياء الشرعي، وأعقب ذلك تداخل رجال أعمال على ملكية الصك.

ورصدت مداولات المحكمة العليا 15 ملاحظة على الصك، جاء في أبرزها رصد تجاوز في شهادة الشهود على حجة الاستحكام، حيث لم يوضح الشهود الأطوال والمساحة للأرض المذكورة حسب التعليمات.

ولم يذكر القاضي هوية الشهود أو المزكيَين في حين أن صاحب الصك لم يوضح في حجة الاستحكام الأطوال والمساحة، كما أن الشاهدين اللذين أحضرهما صاحب الصك لم يوضحا متى حصل الإحياء للأرض المذكورة وما نوع الإحياء وهل هو شامل أم لا، وتبين أن أحد الشاهدين حصل على جزء من الأرض المذكورة بالصك وأفرغت لاحقا باسمه.

ورصدت المحكمة العليا أن الصك ضبط في يوم إجازة وتحديدا يوم 26 رمضان قبل 44 سنة وسجل في نفس التاريخ الذي يوافق يوم إجازة رسمية، وضبطه وتنظيمه وتسجيله في اليوم المذكور أمر لافت للنظر ويثير أكثر من سؤال، وكيف حضر صاحب الصك وكاتب الضبط والشاهدان والمزكيان ومحامي وزارة المالية في اليوم الذي يوافق إجازة رسمية.

وشددت المحكمة العليا على أن مساحة الأرض كبيرة تزيد على 12 مليون متر مربع ولا يمكن إحياؤها من شخص واحد يسقي هذه الأرض من بركة حسب ما ذكر، ولا يتصور عقلا ولا شرعا إحياء هذه المساحة بالزراعة قبل 44 سنة لضعف الإمكانات، والبركة المذكورة لا يمكن بمائها إحياء هذه المساحات الشاسعة الواسعة.

وانتهت المحكمة العليا بالإجماع بإبطال صك الاستحكام وما أجراه القاضي وإلغاء جميع الصكوك المتفرعة عنه والتهميش عليها.