الحساني
الحساني
من اليمين حامد مطاوع، عبدالملك خان، المهندس عبدالقادر كوشك، محمد الحساني.
من اليمين حامد مطاوع، عبدالملك خان، المهندس عبدالقادر كوشك، محمد الحساني.
الحساني وزميله مقبول الجهني في لقاء صحفي مع الشيخ محمد الحركان عام 1394هـ.
الحساني وزميله مقبول الجهني في لقاء صحفي مع الشيخ محمد الحركان عام 1394هـ.
-A +A
حوار: عبدالله العقيلي (جدة) Okaz_Online@
للصحافة ذاكرة توغل إلى مواطن من تعب وانكسار وفرح وألق، يستعيدها بين الحين والآخر المشتغلون القدامى في «مهنة المتاعب»، لا باعتبار تلك الفترة كانت تمثل قمة الازدهار ومجد المهنية، بل من باب الاشتياق إلى تلك المعاناة الجميلة وأيامها.

ويعد الكاتب الصحفي محمد الحساني أحد الذين أدركتهم مهنة الصحافة منذ زمن مبكر، وعاصر تفاصيل مهمة في فترات تحول كبرى، كان شاهدا عليها، في مختلف الصحف التي اشتغل بها، سواء باعتباره صحفيا أو كاتبا للمقالة.


وفي هذا الحوار مع الحساني يستعيد كثيرا من الأحداث والمواقف والأسماء التي علقت بذاكرته من صحافة الماضي، وإعلام «الطيبين». فإلى نص الحوار:

• قبل أن تشتغل بالصحافة، ما الذي كان يشدك إليها ومن كان كاتبك المفضل آنذاك؟

•• كانت تشدني إلى الصحافة الصفحات الثقافية، ومنها الصفحة السابعة في «عكاظ» عندما كانت تطبع ثماني صفحات يوميا وقبل ذلك كانت تصدر في أربع صفحات فخصصت الصفحة السابعة قبل الأخيرة لبعض أبرز محرري الجريدة آنذاك ليقدموا من خلالها صفحة ثقافية متنوعة، وكان ممن تناوب على تحرير تلك الصفحة عبدالله الجفري وعبدالله الداري وعلي عمر جابر رحمهم الله وعلي مدهش وآخرون لا تحضرني أسماؤهم، وقد فتحت الصفحة السابعة آفاق الكتابة قبل نحو 50 عاما لشباب نابهين شدني منهم في حينه مشعل السديري وشاكر النابلسي والشاعر الفلسطيني فواز عبيد والناقد عبدالله نور، وكان كاتبي المفضل هو السديري لأنه خرج علينا بأسلوب قوي في الطرح حتى قيل لنا إنه مدعوم!

أما في حقبة رئاسة عبدالله خياط للجريدة فقد كان منفردا في جرأته في طرح المواضيع الاجتماعية بمقياس ذلك الوقت، وقد دفع منصبه الصحفي منذ ذلك الحين ثمنا لمقال كتبه عن الكهرباء وملاكها، وأثمرت كتابته في ما بعد عن تحول شركة الكهرباء من الملكية الخاصة إلى شركة مساهمة، وكان الخياط يُعنون مقالاته الصارخة بعناوين قصائد مغنّاة مثل «فإن من بدأ المأساة ينهيها» في حديثه عما آلت إليه أحوال الشباب في ذلك الزمن من صفاقة وميوعة، فماذا يقول الآن عن شباب طيحني؟!

• هل تذكر أول مادة صحفية نشرت لك؟ في أي عام وأين نشرت؟

•• في واقع الأمر فإنني لم أبدأ حياتي صحفيا ولكن البداية كانت بنشر مقاطع من الشعر في جريدة الندوة في صفحة كانت تصدر تحت عنوان «نداء القدس» تتحدث عن القضية الفلسطينية وكان يحرر الصفحة الزميل رفقي الطيب في عهد رئاسة حامد مطاوع رحمه الله وكنت حينها طالبا في المعهد العلمي الثانوي وكان ذلك في حدود عام 1388هـ 1968م أي بعد النكسة وضياع القدس.

• من تدين له بالفضل في بروزك في مجال الصحفي؟

•• الأستاذ حامد مطاوع بلا منازع.

• من الذي لا تزال تتذكره من «المشاغبين» في بداياتك الصحفية؟

•• لو كان المقصود بالمشاغبة الجرأة في الطرح والوضوح في الهدف فإن أحمد جمال رحمه الله كان منهم وكذلك حسن قزاز رحمه الله وعبدالله خياط ومشعل السديري ورسام الكاريكاتير الشهير علي الخرجي والكاتب الساخر أيمن سالم رويحي «أبو حياة» الذي كان يقدم صفحة في جريدة الندوة يشاغب فيها الإدارات الحكومية، ومن تعليقاته الطريفة أيام كانت بعض شوارع مكة المكرمة تضاء «بالأتاريك» فيسود الظلام الأحياء والشوارع الداخلية أنه كتب تعليقا على ذلك فقال: «عندما يأتي المساء.. تنطفي أتاريك البلدية».

• من الذي كان يشعل الغيرة لديك من مُجايليك في الصحافة؟

•• لا أذكر أحدا منهم لأن بدايتي لم تكن في الصحافة، وعندما بدأت في دخولها عام 1394هــ عينت فورا سكرتير تحرير للشؤون المحلية بجريدة الندوة وبلا سابق خبرة، فلم أتدرج في مجال صحافة الخبر والعمل مندوبا أو مراسلا صحفيا كما جرت بذلك العادة، بل رأى أستاذي حامد مطاوع وسكرتير الجريدة عيسى خليل رحمهما الله أنني مؤهل ثقافيا وفكريا لملء المنصب الذي شغر عن استقالة حامد عباس رحمه الله.

• هل تذكر شيئا من ذلك التنافس الذي كان مشتعلا بين الصحف السعودية وبعض الحوادث التي مرت بك في تلك الحقبة الزمنية؟

•• كانت المنافسة في البداية محصورة بين صحف المنطقة الغربية وذلك حتى نهاية الثمانينات الهجرية، وقد سبقت «الندوة» غيرها من الصحف في استخدام جهاز استقبال الصور اللاسلكية من وكالات الأنباء العالمية فكان سبقها فتحا جديدا في عالم الصحافة المحلية، ثم شهدت «عكاظ» نهضة جعلتها في المقدمة وشهدت جريدة المدينة المنورة بعد ذلك نهضة جعلتها تعلن عن نفسها أنها الجريدة الأولى في عهد رئاسة أحمد محمد محمود، في الوقت الذي أفاقت صحيفتا الرياض والجزيرة من سباتهما منذ منتصف التسعينات وأصبحتا في المقدمة على مستوى المنطقة الوسطى وأكثر الصحف استحواذا على الإعلانات بقيادة تركي السديري وخالد المالك، أما «عكاظ» فقد مرت بفترات تعثر حتى استلمها الدكتور هاشم عبده هاشم عام 1403هــ واستلم إدارتها الأستاذ القدير إياد مدني فكانت نهضتها التي لم تزل صامدة حتى تاريخه، ولا أنسى ميلاد مجلة اقرأ على يد الدكتور عبدالله مناع في مُنْتصف التسعينات الهجرية حتى أصبحت المجلة الأولى في المملكة وقدمت للصحافة عددا من المشاغبين منهم محمد الفايدي وأحمد اليوسف وخالد باطرفي ومحمد الستار وغيرهم، كما نهضت مجلة اليمامة على يد الدكتور فهد العرابي الحارثي فقدمت للصحافة في حينه داود الشريان وغيره، وكان ممن برز في نهاية التسعينات أسماء مثل ثامر الميمان وعبدالله باهيثم وقبلهما إبراهيم الدعيلج وحاسن البنيان وتوفيق حلواني ثم خالد الحسيني وخالد المطرفي، وفي الصحافة الرياضية هاشم عبده هاشم وتركي السديري وفايز حسين وعلي الرابغي وخالد المالك وذلك في الثمانينات الهجرية، ثم جاء بعد ذلك عبدالله باجبير وأمين ساعاتي وفوزي خياط وعدنان باديب وفريد مخلص، وفي الصحافة الفنية برزت أسماء مثل جلال أبو زيد وهاني فيروزي وعبدالعزيز صيرفي ثم أنمار مطاوع، أما أهم الحوادث التي حصلت عالميا وغطتها الصحافة فمنها نكسة عام 67م وحريق المسجد الأقصى عام 69م وحادث أيلول الأسود عام 70م.

أما على المستوى المحلي فكان حادت اغتيال الملك فيصل عام 1395هـ وحادثة الحرم المكي الشريف عام 1400هـ، وقرار الملك فيصل بتخفيض رسوم الكهرباء من ستين هللة إلى سبع هللات وانتقال الناس من المكيفات الصحراوية القاتلة إلى مكيفات الفريون وما صاحب ذلك من ضغط في استهلاك التيار الكهربائي ووجود انقطاعات حادة في التيار عولجت بعد ذلك بسنوات بدعم شركات الكهرباء التي وحدت فيما بعد في شركة موحدة، كما أذكر أن وزارة المعارف قد خصصت في أواخر التسعينات الهجرية وجبات غذائية مجانية للطلاب، حصلت من ورائها حالات تسمم بسبب وجود مواد غذائية معلبة مثل السليق والحليب «ويخنة الخروف» ولا أعرف ماهي يخنة الخروف، لأنها ليست من المأكولات المعروفة محليا، فنشرت بعض الصحف حملة على الوجبة فأمر الملك خالد بدراسة ما نشر وتم إلغاء بعض الأطعمة السريعة الفساد وإبقاء البسكويت واللوز ونحوه ثم انتهى الأمر إلى إلغاء الوجبة نهائيا، وكنت ممن كتب عن الوجبة الغذائية والتسمم الغذائي وكان مقالي بعنوان: من يحمي أبناءنا من الوجبة الغذائية الفاسدة؟ وقد حقق معي مسؤولون في وزارة المعارف من قيادة الدرجة الثانية والثالثة ولكنني فهمت من مدير التعليم بمكة المكرمة الشيخ عبدالقادر كعكي رحمه الله أن وزير المعارف الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله كان مؤيدا لما كتب وأنه رفع بذلك تقريرا للمقام السامي نتج عنه تحسين وضع الوجبة.

• هل كان ثمة انقسام أيديولوجي أو مجتمعي حول ما ينشر في صحافة الماضي أو بين المشتغلين بالصحافة؟

•• بل كانت هناك حوارات ثقافية تدور حول التيارات الفكرية القادمة من الخارج وعلى سبيل المثال خاض الكتاب والمثقفون عموما في نظرية «اللامنتمي»، التي طرحها كاتب غربي اسمه «كولن ولسن» فأيد بعضهم الانتماء إلى الحضارات وأيد آخرون ذلك الكاتب الغربي الذي انطبق عليه في حينه قول الشاعر المتنبي «أنام ملء عيوني عن شواردها ويسهر الخلق جرَّاها ويختصم»، وكنت أتابع ذلك الحوار دون المشاركة فيه ربما لأنني لم أكن أملك أدوات المشاركة، ويقال إن الكاتب نفسه قد «انتمى» وصرف النظر عن نظريته الأدبية وتراجع عنها ولكن الخائضين في فكرته لم يعلموا بذلك فظل بعضهم يناقشها ردْحا من الزمن ويتناقش حولها أو يُفنِّدها ثم خفت الحديث حولها وطواها الزمن.

وفي الشأن الاجتماعي فقد كانت هناك تيارات تدعو إلى شيء من التحرر المنظم مقابل تيارات تعارض أي خطوة في هذا الاتجاه خاصة بالنسبة للمرأة وعملها ومشاركتها في الحياة حتى قالوا لها «مكانك تحمدي» ومعارك حول النقاب ونحوه من قضايا المرأة، ولكن تلك الحوادث كانت محدودة وغير حرة لأن أنظمة النشر في الصحف كانت صارمة، كما أن بعض المثقفين كانوا على استعداد لاتهام خصومهم بتيارات فكرية خارجية مثل الشيوعية أو الاشتراكية، في سبيل الانتصار للرأي، ولكن ذلك كان يحصل بعيداً عن الصحافة والنشر في غالب الأحيان.

• من خلال سيرتك ما هي المادة الصحفية التي تعتبرها أجرأ وأعنف؟

•• في عام 1407هـ لم يعجبني تجمع عدد من أبناء مكة المكرمة للتنادي بإنشاء مستشفى خاص بها في تظاهرة ضمَّت 300 شخص بأحد الفنادق، واعتبرت أن الأمر لا يستحق تلك الضجة، فالمستشفى الخاص مشروع تجاري يخدم المرضى بمقابل، وقد أنشأ عدد من الأطباء مستشفيات خاصة كبرى في جدة والرياض وغيرها فلم يتجمعوا للمناداة بذلك، فلماذا يحصل ذلك التجمع وكلمات المناداة وقصائد التحفيز عندما اتصل الأمر بمكة المكرمة، فكتبتُ مقالا في مجلة اِقرأ تحت عنوان (أدعياء لا أوفياء) فكان للمقال تبعات ورد عليه كتاب مكيون فرددتُ على ردودهم، فتم تكوين لجنة للتحقيق معي ومع رئيس التحرير الدكتور عبد الله مناع انتهت بصدور أمر بإقالته من رئاسة التحرير وإيقافه عن الكتابة لمدة عامين، والطريف وربما المحزن في الأمر أن المستشفى الخاص الذي تنادوا بإنشائه لم ينشأ حسب الوعود الكلامية وإنما الذي أنشئ مجرد عيادات متخصصة يعمل بها أطباء يأتون من المستشفيات الخاصة بجدة بعض أيام الأسبوع ففشل المشروع ثم أجر على صاحب مستشفى خاص ليكون فرعا من مستشفاه الخاص بجدة لمدة عشر سنوات ثم تركه ليؤجر على آخر ولا أعلم عن أحواله في الوقت الحالي، والمشروع كان يمثل الفرق بين الوفاء والادعاء.

• هل شعرت أنك مدين لمقص الرقيب بالفضل ولو مرة واحدة؟

•• نعم في بداية حياتي الصحفية، سواء بالنسبة لما كنت أنشره من مقالات في جريدة الندوة أو في جريدة «عكاظ» أو في مجلة اقرأ، وكان ذلك مرتبطا بحماس الشباب، أما حاليا فيبدو أنه قد أدركتني حكمة الشيوخ وأصبحت رقيبا على نفسي، ومع ذلك تعرضت بعض مقالاتي لتفسيرات وأوقف بعضها عن النشر لسبب غير وجيه، وعلى سبيل المثال فقد كنت أكتب مقالا لجريدة فيحجب عن النشر فأرسله لجريدة أخرى فينشر ولا يكون في نشره ما توقعته الجريدة الأولى من ردة فعل أو مشكلة تنشأ عن نشر المقال للجريدة أو الكاتب، فأدركت أن بعض أسباب عدم النشر وجيهة وبعضها الآخر اجتهاد ذو أجر واحد، ومع ذلك وطنت نفسي على سحب المقال الذي لم ينشر وإرسال بديل جاهز له وكفى الله المؤمنين القتال!

• ما هي أبرز المناوشات والمعارك الصحفية التي خضتها مع كتاب وصحفيين آخرين؟

•• كل ما أتذكره في هذا المجال تعقيبات على كتاب نشروا آراء رأيت أنها مُجانبة للصواب مثل نشري لمقالات مفندة لبعض آراء الحداثيين ومحاولتهم فرض الحداثة كتيار شعري على الجميع وإغلاق المنابر الإعلامية والصحفية أمام ألوان الشعر الأخرى وكذلك خوضي غمار تفنيد رأي من يرى أن معاش المتقاعد يجب أن يستمر بلا انقطاع حتى بعد وفاة المتقاعد وذريته أو يجمع ما دفعه المتقاعد في حياته الوظيفية فيصرف له عند تقاعده دفعة واحدة وهي آراء غير منطقية وبعضها يضر المتقاعد فتكون المناوشات مع أصحاب تلك الآراء من باب تصحيح المفاهيم لعلهم يعقلون!

• هل كتبت باسم مستعار وما هو؟

•• في بداية التسعينات الهجرية كنت أكتب في «عكاظ» مقطوعات شعرية عاطفية شعرا حرا فاقترح المحرر بالجريدة محمد عبد الواحد رحمه الله أن يكون لي اسم مستعار هو الحرف (ن) فنشرت تحت هذا الاسم عدة قصائد فظن بعض من قرأها أن القصائد لشاعرة وكان ومن ظن ذلك الشاعر طاهر زمخشري رحمه الله وذلك حسب ما نقل لي عبد الله باخشوين ومحمد عبد الواحد فسأل الزمخشري عن الشاعرة ومن أي مدينة وهل هي في جدة أم في غيرها من المدن، ثم رأى عبد الله باخشوين الإفصاح عن اسم الشاعر فأخبرني برغبته خلال زيارتي للجريدة لنشر قصيدة جديدة تحت اسم (ن) فاستحسنت رأيه فكتب وأخبر القراء أن (ن) هو الشاعر محمد الحساني فاحتج على الأمر محمد عبد الواحد ولكن احتجاجه لم يلتفت إليه أحد!

• لماذا خرجت من صحيفة الندوة؟

•• صحفيا لم أعمل إلا في جريدة الندوة متعاونا لا متفرغا ولمدة 14 عاما حتى فصلت بقرار من مجلس الإدارة لأن الأخ عبد الله العمري الذي كان يقدم صفحة أسبوعية في جريدة المدينة المنورة تحت عنوان الوجه الآخر، طلب مني توجيه رسالة إلى مجلس إدارة الندوة، فقلت لهم: عظم الله أجركم ورحم موتاكم! فاجتمعوا وقرروا فصلي عام 1408هـ وكان أجري الشهري ثلاثة آلاف ريال فلما بدأت أكتب في الصحف مقالات أسبوعية زادت مكافأتي على المبلغ الذي كنت أتقاضاه من الندوة شهريا ولما تعاقدت معي «عكاظ» كاتبا يوميا تحسنت المكافأة أكثر وأكثر.

• هل الصحافة في رأيك رسالة تنويرية أم هي انعكاس لطبيعة المجتمع؟

•• هي كرسالة يجب عليها أن تحمل التنوير الحقيقي وتقود المجتمع إلى حياة أفضل، وكهدف فإن ما ينشر فيها يجب أن يكون صورة للمجتمع الذي تعيش فيه بلا تزوير أو تزييف، فإن كانت هناك إنجازات اجتماعية أو تنمية حقيقية فإن واجب الصحافة تجسيد ما حصل من إنجازات وتنمية وإن كان هناك خلل أو فساد أو بطء في التنمية فإن من واجبنا عدم تحسين الواقع القبيح، بل الإشارة إليه بموضوعية وصدق وطرح الحلول واقتراح المعالجة والحرص على المتابعة ورفع عقيرتها حتى يسمع صوتها ويستجاب لندائها ليكون الإصلاح وتدور عجلة الحياة نحو المستقبل.

• أين تقع الصحافة السعودية مقارنة بالصحافة العربية والخليجية؟

•• أرى أن الصحافة في بلادنا تطورت بل قفزت خطوات في مجال التطور من حيث الأجهزة والإمكانات ورقي المادة التحريرية وأصبحت منافسة لأقوى الصحف الخليجية والعربية، وهي أفضل حالا من الصحف العربية في ثلثي العالم العربي على الأقل وأصبح ما تنشره من نقد للقضايا العربية يجد صداه عربيا، أما على المستوى المحلي والنقد الاجتماعي فهي تحتل الترتيب الثاني أو الثالث عربيا، وكذلك الأمر في مجال التغطيات الصحفية للقضايا العالمية، لكنها على المستوى الإقليمي أصبح لها تأثير قوي يقض مضاجع أعداء المملكة لاسيما القوى الطائفية وأعداء السلام والحياة، ومجمل القول أن الصحافة المحلية واعدة لاسيما إذا ما استمرت عملية توسيع مساحات الحرية المسؤولة في طرح القضايا الوطنية والإقليمية والدولية.

• كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية المطبوعة في ظل طغيان وسائل التواصل الاجتماعي؟

•• على المدى القريب فإن الصحافة المطبوعة سيظل لها قراؤها ولو بنسبة معينة مقارنة بالنسبة التي كانت قبل ظهور وسائل التواصل، كما أن الصحافة المطبوعة أكثر مصداقية عند القراء من وسائل التواصل، ولكن ما تتوقعه الدراسات الإعلامية هو أن الصحافة المطبوعة ستظل تفقد المزيد من قرائها على مدى السنوات القادمة لصالح وسائل التواصل، ومن يعش رجباً ير عجباً!

• في ما قبل العهد الحالي، من هو أفضل وزير إعلام سعودي في رأيك.. ولماذا؟

•• أفضل من عرفته من وزراء الإعلام كان الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله، ففي أيامه توسعت مساحة الحرية الصحفية عما كانت عليه من قبل وذلك في عهد الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله، وكان قد نما جيلي من الكتاب والصحفيين في تلك الفترة، كان حريصا على حماية الصحفيين والدفاع عنهم وتقديم تفسير ملطف لما ينشر لهم في حالة وجود ملاحظات أو تساؤلات رسمية.. وأشكركم أنكم لم تسألوني عن الأسوأ؟!

• هل تشعر أنك استطعت إيصال كل ما تريد أن يصل للرأي العام؟

•• استطعت إيصال ما سمحت لي الصحف بإيصاله.. فقط لا غير.

• هل تفكر بتسجيل ذكرياتك الصحفية في كتاب؟

•• فكرت وقدرت كثيرا وكلما هممت بذلك يبرز في ذهني سؤال وهل هناك من سيقرأ ويهتم فيخبو حماسي قليلا ومع ذلك فقد تفضل زميلي في الصحافة والحياة الأستاذ توفيق عمر حلواني فألفّ عني كتاباً ضم جزءا يسيرا من محطاتي في الحياة صدر أخيرا تحت عنوان «الحساني المبحر وحيداً» وكان ذلك الجهد وفاء منه لصداقة امتدت نصف قرن من الزمن وقد أفكر ذات يوم في كتابة مذكراتي إن سمح العمر والصحة بذلك!

• بعد المشوار الطويل مع الصحافة ماذا أعطتك وماذا أخذت منك؟

•• لقد أعطتني الصحافة كثيرا جدا ووسعت مدار صداقتي على المستوى الاجتماعي والصحفي، أما ما أخذته الصحافة مني فهو ثمن لشهرة كسبتها ومال اكتسبته وخبرات عشتها ومصالح ساهمت في قضائها للآخرين وشفاعات حسنة بذلتها، فيكون ما كسبته من الصحافة أكبر بكثير مما أخذته مني.

• ماذا سيبقى للأجيال القادمة من إرثك الصحفي، والصحف والمجلات المحلية؟

•• إن كان لي من إرث صحفي وأدبي فإنه منشور على مدى أكثر من أربعة عقود ولا أحتفظ إلا بجزء يسير منه فإن قدر لباحث ما أو أسعفني الجهد والوقت على جمع ما هو صالح للجمع من إرثي الصحفي فقد يكون فيه شيء مفيد للأجيال القادمة.. وقد لا يكون !.