خزانات المياه تروي عطش أهالي ريم. (تصوير: أحمد القحطاني)
خزانات المياه تروي عطش أهالي ريم. (تصوير: أحمد القحطاني)
مخرج وادي ريم. (تصوير: أحمد القحطاني)
مخرج وادي ريم. (تصوير: أحمد القحطاني)




طريق ترابي يصل إلى المركز الصحي.
طريق ترابي يصل إلى المركز الصحي.




ملعب رياضي على الحجارة.
ملعب رياضي على الحجارة.




شارع ترابي في وادي ريم.
شارع ترابي في وادي ريم.
-A +A
حسن النجراني (المدينة المنورة)
في طريقك إلى وادي ريم 70 كلم عن المدينة المنورة، كانت ترتسم في ذاكرتك مشاهد بانورامية عن موقع تركض في تضاريسه غزلان الريم، وتكتنفه الخضرة وشلالات المياه، غير أن هذه الصورة اختلفت بزاوية حادة حينما بدت ملامح الوادي الذي يقطنه نحو 10 آلاف نسمة تظهر في المدى.

وكشفت جولة «عكاظ» أن هناك 20 حارة تعاني من غياب الكهرباء، فضلا أن هناك مستوصفين بلا خدمات طبية متكاملة.


رصدت الجولة في وادي الريم بمجهر الشفافية، غياب الكثير من الآليات المتمثلة في الخدمات البلدية، فضلا عن رداءة الطريق، إذ أنه لا يمكن الدخول إلى الوادي إلا عن طريق «الخنقة» وهو موضع تجتمع فيه شلالات الأودية، لكن هذا الوادي يعاني من الإهمال.

وأوضح عدد من أهالي الوادي أنهم منذ سنوات طويلة ينتظرون تنفيذ جسر يعبر من خلاله الذاهبون إلى المدينة المنورة مع طريق الهجرة السريع، إذ أن الأهالي حاليا يعبرون فوق قناة تصريف سيول ومنها يدخلون إلى طريق المدينة المنورة.

وأضافوا أن معاناتهم تزداد في موسم الأمطار، حيث يجدون أنفسهم محاصرين، ومعزولين عن العالم وتتوقف مصالحهم حتى تجف (دموع ) المطر.

ويصف عبدالعالي الصاعدي أن المشكلات مع الطريق لا تقف عند مدخل الوادي، فالطريق الذي يمر عبر الوادي ضيق ويبلغ عرضه ستة أمتار ويشهد حركة سير كثيفة وقد كانت هناك حوادث مميتة حيث توفي العام الماضي أكثر من سبعة أشخاص.

وأضاف الصاعدي بقوله «طالب الأهالي بصيانة الطريق وتقدموا لأمانة منطقة المدينة المنورة، وصدر تعميد من أمين المدينة بصيانة الطريق بالكامل وقد تم تنفيذ صيانة كيلومترين فقط ثم انسحب المقاول ولم يكمل المشروع، وبعدها اشتكى الأهالي مرة أخرى فتم إرسال مقاول آخر، ثم انسحب هو الآخر أيضا بسبب ازدحام جدول أعماله وتردى حال الطريق، حيث يمتلئ بالحفريات مما حدا بأحد المتبرعين من أهالي الوادي إلى ردم الحفر لضمان عدم تضرر السيارات.

الشريان الرئيسي 20 عاما مع المطبات

مداخل الحارات في الوادي ترابية ولا توجد سفلتة ولا إنارة ولا إرشادات والطريق الرئيسي له قرابة الـ20 عاما لم يتعرض للصيانة ولم تجر عليه أعمال الصيانة منذ إنشائه، كما لا توجد خدمات بلدية في الوادي، وتغيب الحدائق وملاهي الأطفال، والملاعب لممارسة الرياضة، وما هو موجود الآن مجرد ملاعب ترابية تحتوي شباب الوادي ونفذها الأهالي.

ويبلغ عدد حارات الوادي نحو 20 حارة، ولها طريقان يؤديان إليها وهي طريق الهجرة وطريق ينبع السريع، وهي طرق يسلكها المهربون حيث لا توجد نقاط تفتيش فالخارج من المدينة يستطيع الابتعاد عن نقاط التفتيش من خلال وادي ريم، ويدخل من الطريق الذي يقطع الوادي إلى طريق الهجرة بعد تجاوز نقطة التفتيش الموجودة أصلا على خط الهجرة، كما يعاني الأهالي من مشكلة تهريب الرمل من بطن الوادي في جنح الظلام لا سيما وأن الأمانة منعت (نهل) الرمال لما يحدثه من أضرار في الأودية ويعرض الوادي للخطر.

وقال خالد الصاعدي إن نقص الخدمات سببه المرصد الحضري والذي أعلن في وقت سابق أن عدد سكان الوادي هو 700 نسمة، بينما هم في الحقيقة قرابة الـ( 10) آلاف نسمة، ويؤكد أن خطأ الأرقام سببه عدم قيام المرصد بزيارة حقيقية للمنطقة وإنما الاعتماد على التخمين، كما أن هذا الرقم الخاطئ جعل الخدمات المقدمة من البلدية لا ترتقي للعدد الحقيقي الكبير للسكان في الوادي، ولا يعلم على أي أساس تم وضع هذا الرقم، وقد قام الأهالي بمراجعة المرصد الحضري لتصحيح الرقم وطلبوا من إدارة المرصد زيارة المنطقة وأخذ الأرقام الحقيقية للسكان، لأن تخفيض عدد السكان جعل الخدمات المقدمة للوادي قليلة بسبب الاعتماد على الإحصائيات الخاطئة.

طبيب أسنان واحد لا يكفي

لا تتوقف معاناة سكان الوادي مع غياب الخدمات البلدية، إذ أن الخدمات الصحية تنام - وفقا لوصف الأهالي - في غرفة الإنعاش، لافتين إلى أن الوادي يفتقر للخدمات الصحية ويوجد به مستوصفان؛ أحدهما حكومي والآخر تم استئجاره أخيرا وافتتح العام الماضي، فمثلا منطقة (الدوداء) يقطنها قرابة (2000) نسمة ومع ذلك لا يوجد مستوصف يخدمها، كما أنه منذ أربعة أشهر فإن طبيب الأسنان يعمل بمفرده لأن فنية الأسنان لديها إجازة ستة أشهر مما يتعذر على الطبيب القيام بالعمل لوحده، وفي المساء يغلق المستوصف أبوابه ولا يمكن خدمة المواطنين إلا من خلال الاتصال على رقم الطبيب والموجود على باب المستوصف من الخارج، لذلك يطالب الأهالي بتطوير الخدمات الصحية وإيجاد طبيب بشكل مستمر.

خدمات غائبة

تغيب خدمات الدفاع المدني والهلال الأحمر عن الوادي، إذ يشتكي الأهالي من عدم وجود مركز للدفاع المدني في المنطقة كما أنه لا يوجد مركز شرطة ولا مكتب للخدمات البلدية، فضلا أن هناك مشكلات في الكهرباء في الصيف حيث تنطفئ الكهرباء من الظهر إلى العصر بسبب ضعف الكهرباء، وبالنسبة للهلال الأحمر فيوجد مركز بالقرب من الوادي على مخرج وادي ريم على كيلو 45 وهو مركز موقت يخدم أثناء فترة الحج ويطالب الأهالي بتثبيته، وفي حال التثبيت فسيخدم المنطقة ويحقق مطالباتهم لأنه يعتبر قريبا من المنطقة ولا يبعد عنها سوى 20 كيلومترا.

والطريف في الأمر أن الحمير تتكاثر في المنطقة ولا يستفيد منها الأهالي بل تتسبب في إزهاق أرواح، وبالتالي فإن الأهالي يطالبون الأمانة بتحرك سريع لمعالجة المشكلة، وكذلك تطوير أعمال النظافة حيث إن عمال النظافة الحاليين يجمعون أكياس النفايات من أمام المنازل لكنهم لا يعملون على تنظيف المكان.

أما فيما يتعلق بالتعليم فهناك 22 مدرسة بنين وبنات وهو ما يعطي دلالة على أن سكان الوادي عددهم كثير، ومن المتناقضات أن جميع مدارس البنين حكومية، وفي المقابل فإن جميع مدارس البنات مستأجرة، وفي ما يتعلق بالمياه فإن الأهالي يعانون من جفاف الخزانات خصوصا في فصل الصيف.

مياه مالحة

وقال علي الصاعدي إن مقال المياه يخصص لكل منزل 12 ألف لتر في الشهر، ولكن يتم صرف تسعة آلاف لتر فقط لكل منزل وهذه الكمية تكفي لأسبوعين فقط ما يدفع الأهالي إلى جلب المياه عبر الصهاريح حيث إن تكلفة الرد نحو 250 ريالا.

وأضاف الصاعدي أن المياه لا تستخدم للأغنام أو التشجير بل للسقيا فقط، كما أن المقاول لا يستطيع توفير المياه من المدينة فيضطر إلى جلب مياه من المناطق المحيطة بالوادي وفي الغالب تكون مالحة وغير صالحة للشرب.

وقال مصدر في وزارة النقل إنهم تلقوا طلب الأهالي بإنشاء جسر يخدم وادي ريم، وقد قامت الوزارة بتصميم هيكل الجسر واعتماد المشروع، لكن الاعتمادات المالية في الميزانية لم يتم تقريرها منذ ثلاث سنوات.