-A +A
سلطان بن بندر (جدة) SultanBinBandar@
وحيداً على القضبان، مروضاً المسافة، ومختزلاً البُعد، فلم يطلق قطار سكة الحديد السعودية صرخاته «تعباً» يوماً ما طيلة 68 عاماً قضاها في الخدمة، والتي من الجدير أن تؤهله في ذكرى تدشينه على يد المؤسس الملك عبدالعزيز في الـ20 من أكتوبر 1951 أن يكون أحد ملامح «التراث الصناعي السعودي» كشاهد حي على مشارك رئيسي في النهضة الصناعية في السعودية. وتُظهر أحاديث الرواة وما كتب التاريخ في استقبال الملك المؤسس لأولى رحلات قطار «خط سكة حديد الحكومة السعودية» آنذاك بـ«الله أكبر الله أكبر»، تحقيقاً لرغبته في قهر المسافة بين الدمام والرياض العاصمة، واختزال الزمن، بعد الحاجة الماسة لشركة أرامكو في إنشاء خط السكة الحديدية لنقل البضائع من الميناء التجاري، ليأتي أمر الملك عبدالعزيز بإنشاء سكة القطار بين الدمام والرياض منتصف أربعينات القرن الماضي، مكلفاً الملك سعود -الأمير آنذاك- بطرق «المسمار الذهبي» إيذاناً ببدء المشروع الباقي حتى الآن. ولا يقتصر تراث السعوديين الصناعي، الذي يحمله لهم القطار على غير قضبانه، على «العربة الملكية» التي سافر عليها الملك سعود والملك فيصل غير مرة، ولا على المسمار الذهبي الباقي حتى الآن فحسب، بل جاوز ذلك إلى حفظ قضبانه لمعروف العديد من العمّال السعوديين الذين نضحت أجسادهم عرقاً للعمل على تثبيت قضبانه، وعلى طلائع سائقي القطار السعوديين الذين حفظت أجيالهم منذ العام 1951 حتى الآن طريقهم الثابت بين الشرق ونجد، حتى علمهم «القطار» الصبر أكثر من أي وسيلة نقل أخرى. وسيؤهل سرد قطار «الدمام – الرياض» قصة ثورة النفط والنقل والصناعة السعودية بداية التغيير والطفرة الحقيقية في السعودية إلى أن يكون أحد مقومات «التراث الصناعي» السعودي، بعد إعلان وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان تأسيس الجمعية السعودية للمحافظة على التراث الصناعي بدعم من وزارة الثقافة، وتأسيس برنامج يُعنى بالتراث الصناعي تحت مظلة وزارة الثقافة، الجمعية التي وضعت نصب عينيها توثيق أهم المعالم المحلية الدالّة على التراث الوطني.