منذ زمنٍ بعيد، كان مشهد المتسولين مألوفاً أمام الجوامع وفي الشوارع العامة، بملابس ممزقة وشعورٍ شعثاء وأقدامٍ حافية. كان المشهد يبعث على الشفقة،
ومع مرور الوقت تغيّر المشهد، وتطورت أساليب التسول فبدأ البعض في استخدام أوراق طبية وصور مؤلمة، يستعطف بها قلوب المارة، حتى بات التمييز بين المحتاج الحقيقي والمتحايل أمراً صعباً. ومع توسّع استخدام منصات التواصل الاجتماعي، انتقلت الظاهرة إلى العالم الافتراضي، في أشكالٍ جديدة أكثر احترافية وإقناعاً.
واليوم، نرى متسولين أمام المحطات والصيدليات؛ بسياراتهم النظيفة وملابسهم الأنيقة، يطلبون المساعدة وكأنهم يؤدّون دوراً متقناً في مشهدٍ اجتماعي متكرر.
فهل التسول أصبح أقصر الطرق وأسهلها لكسب المال؟
من أبرز القصص المتداولة في فضاء الإنترنت رسالة ترِد على الجوال، وربما تصله الرسالة باسم كاتبها الذي يشير إلى أنه يعيش ظروفاً صعبة هو وأسرته في بلد ما بالخارج، وأنه يرغب في شراء احتياجات ضرورية لأطفاله أو يطلب مساعدة مادية للمساهمة في سداد دين قد يشرده عن أطفاله، أو حفر بئر في قرية شح فيها الماء، وغير ذلك من القصص الدرامية المفبركة التي ينخدع بها الكثير من أصحاب القلوب الرحيمة.
لا تطرق الزجاج!
استمعت «عكاظ» الى آراء عددٍ من المواطنين حول ظاهرة التسول في الشوارع، وجاءت ردودهم متباينة بين التعاطف والحذر.. ويقول نواف الزهراني: لم أكن أقدر على رد أحد يطلب صدقة، لكن في الفترة الأخيرة زادت نسبة المتسولين في الشوارع، وأصبحنا نخاف منهم ومن جرأتهم في طلب المال، بل صار بعضهم يطلب التحويل الإلكتروني، ما زاد حذرنا تجاههم.
أما أصالة نايف، فأشارت إلى أنه في الوقت الحالي، نرى متسولين يقودون سيارات جديدة ويطلبون المال بحجة أنهم ليسوا من سكان المدينة، وقد لاحظنا لوحات سيارات من دول مجاورة وأحياناً تجرنا العاطفة، فنعتبرهم ضيوفاً ونساعدهم، في حين قالت أسماء عمر: إذا رغبت في الصدقة، أتبرع عبر موقع «إحسان» عني وعن والديّ وأبنائي، ودائماً نرى التحذير من إعطاء المتسولين في الشوارع، فنحن نُعتبر وسيلة لهم لجمع المال، لذلك لا أعطي متسولاً في الطريق.
وعن تجربتها مع المتسولين، تقول نورة العتيبي: أحاول أن أمنع نفسي من إعطاء المال للمتسولين عند الإشارات، لكنهم يباغتوننا بحجة غسل الزجاج أو بيع المناديل، وإذا لم نعطِهم يبدأون بطرق زجاج السيارة وترديد الدعوات حتى نحاول مجاملتهم بالعطاء، ورغم حزني الشديد عليهم، إلا أنني أتعاطف فقط مع الأطفال، لكن نظرتي تغيّرت بعد ما رأينا من حالات نصبٍ واستغلالٍ للأطفال وكبار السن لاستدرار العطف.
ويقول محمد النهاري: أرى أن هناك وعياً كافياً في المجتمع السعودي تجاه ظاهرة التسول، وكثير من الناس أصبحوا يُبلّغون عن المتسولين؛ لأن أغلبهم مخالفون لنظام الإقامة وبعضهم يمارسه بشكل منظم.
117,000 مع شحّاذة
من قصص المتسولين القبض على امرأة من جنسية آسيوية تمارس التسوّل، وبحوزتها عشرات الآلاف ومصوغات ذهبية، حصلت عليها باستعطاف الناس وامتهان هذه المخالفة.
وأوضحت وزارة الداخلية أن المرأة ضُبطت في مكة المكرمة من قبل فرق الحملة الأمنية لمكافحة التسوّل، وعُثر بحوزتها على 117 ألف ريال سعودي، وعدد من العملات الأجنبية ومصوغات ذهبية.
الاستعطاف الرقمي!
الأخصائية الاجتماعية سلمى صقر في قراءة لـ«عكاظ» عن ظاهرة التسول، تقول: إنه ورغم وفرة الجمعيات الخيرية وبرامج الدعم الاجتماعي التي تغطي احتياجات واسعة من الفئات المحتاجة، ما زالت ظاهرة التسول حاضرة في الشوارع والأسواق وحتى على الشاشات الرقمية، هذه المفارقة تثير تساؤلات جوهرية حول الأسباب الحقيقية لاستمرارها، والمسؤولية الجماعية تجاهها.
وتتعدد أسباب استمرار التسول بين اجتماعية واقتصادية ونفسية، فهناك من وجد في التسول وسيلة سهلة للكسب دون عناء، مستغلاً تعاطف الناس وعاطفتهم الدينية، ولا يمكن حصر المتسولين في فئة واحدة فبعضهم ضحايا ظروف قاسية؛ كالعجز أو الشتات الأسري، وآخرون صنعوا من التسول مهنة يتنقل بها بين المدن وينسق مع آخرين في مجموعات منظمة، هؤلاء لا يطلبون المساعدة بدافع الحاجة، بل بدافع الاستغلال والكسب غير المشروع، وقد يكون اختياراً مقنناً للطريق الأيسر للثراء، ومع انتشار المنصات الرقمية، تطورت الظاهرة لتأخذ شكلاً جديداً.
وعن التسول الإلكتروني، أضافت: يظهر المتسولون في مقاطع مصوّرة أو منشورات مؤثرة، يطلبون المال أو الدعم بحجج إنسانية أو طبية، تزامناً مع سهولة التحويل المالي عبر الإنترنت، ما ساهم في جعل الاحتيال أكثر انتشاراً، وأحياناً يكون عابراً للحدود.
تضيف الإخصائية الاجتماعية سلمى صقر، ساهمت هذه الوسائل في تضخيم المشكلة، بل فتحت أشكالاً حديثة للتسول تجاوزت العشوائية، لتصبح أقرب إلى شبكات منظمة تستغل الدين والعاطفة والطفولة لتحقيق مكاسب مالية، ويتم ذلك عبر توزيع الأدوار واستخدام القصص المفبركة، ما يجعلها نوعاً من الاحتيال المقنّع الذي بدوره يطيل من عمر الظاهرة.
المحتاج الحقيقي.. متعفف
ترى سلمى صقر أن المسؤولية المجتمعية معول متصدر لفهم الأيديولوجية لدى المتسولين والوعي بالآليات الحديثة المستخدمة لديهم، فالمواطن -بدوره- يجب أن يكون واعياً، لا عاطفياً، ولديه القدرة على التمييز في معرفة المتسول من المحتاج؛ فالمحتاج الحقيقي غالباً لا يُظهر حاجته في العلن، ويمكن الوصول إليه عبر الجمعيات الخيرية، أما من يتكسب من التسول فغالباً ما يكرر المشهد ذاته في أماكن مختلفة، أو يستخدم أساليب درامية مؤثرة، لذا فإن أفضل وسيلة للعطاء هي عبر الجهات المعتمدة لا الأفراد المجهولين.
ويأتي الإعلام بدور جوهري في تصحيح المفاهيم، من خلال تسليط الضوء على مخاطر التسول وآثاره على الأمن والمجتمع، وتشجيع الناس على العطاء المنظّم.
كما يمكنه إبراز قصص نجاح المحتاجين الذين تمت مساعدتهم عبر القنوات الرسمية، ليكونوا قدوةً للعطاء المسؤول.
فقد أوجدت الظاهرة حالة من التردد المجتمعي؛ الناس يريدون العطاء، لكنهم يخشون أن يُخدعوا، فالتسول في جوهره مشكلة إنسانية، وحلّها لا يكمن في منع العطاء، بل في تنظيمه وتوجيهه، وحين يدرك المجتمع أن المساعدة الحقيقية لا تكون في الشارع، بل عبر القنوات الموثوقة، حينها فقط يمكن أن تتراجع هذه الظاهرة التي تستغل باسم الحاجة وتلمس الجانب العاطفي من الإنسان.
تعدُّد الأسباب وتشابُك الخيوط
سمها سعيد الغامدي (رئيسة مجلس إدارة جمعية أهلية) قالت لـ«عكاظ»: إنه لم يعد التسول كما كان في الماضي، إذ تحوّل من سلوك بدافع الحاجة، إلى مهنة يمارسها البعض بوعيٍ كامل واستغلالٍ للعاطفة الإنسانية. فبين الدوافع النفسية والظروف الاجتماعية، تتعدد الأسباب وتتشابك الخيوط لتكشف عن ظاهرة تستحق الوقوف عندها طويلاً. ويُعد ضعف الوازع الديني أحد أهم الدوافع النفسية، اذ يفقد بعض المتسولين شعورهم بالإحراج أو الخجل الاجتماعي، ويرون في التسول مهنة سهلة ومربحة بغضّ النظر عن تحذيرات الشريعة منه.
كما يُسهم التفكك الأسري الناتج عن الطلاق أو الفقر أو التشرد في دفع البعض إلى هذا السلوك، مصحوباً بمشاعر اليأس والعجز الناتجة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة.
في المقابل، يؤدي ضعف الثقة بالنفس وتدني النظرة الذاتية دوراً كبيراً في ترسيخ هذا السلوك، اذ يجد البعض في التسول نوعاً من الإشباع المادي أو العاطفي.
وقد يتحوّل الأمر لدى فئة منهم إلى تسول مرضي، يمارسه الفرد رغم تحسّن ظروفه المعيشية؛ نتيجة الاعتياد أو الضغط النفسي، فيلجأ إلى استدرار عطف الآخرين بأساليب مؤثرة ومقنعة.
ويرى مختصون أن الكثير من هذه الحالات تحتاج إلى علاج نفسي معرفي سلوكي لتعديل الفكر والمفاهيم السائدة لديهم، وإعادة بناء الثقة والقدرة على الكسب المشروع.
مصدر دخل مريح!
سمها الغامدي تضيف، أن المتابعة الميدانية تظهر وجود فئة لم تصل إلى مرحلة الاحتياج الفعلي، لكنها وجدت في التسول مصدر دخل مريحاً، فتحول إلى سلوك اعتيادي وربما نفسي. وكشفت حالات ضبطتها الجهات المختصة عن وجود مدخرات مالية كبيرة لدى بعضهم، ما يثبت أن التسول أصبح لديهم أسلوب حياة قائماً على استدرار العطف لا الحاجة.
وشددت الغامدي على أن التسول يُعد احتيالاً واعياً يمارسه البعض بكامل إرادته، إلا في حالات الاستغلال، مثل استخدام الأطفال والنساء في الشوارع والمجمعات، لما يثيرونه من تعاطفٍ لدى العامة. وتشير الدراسات إلى أن الأطفال المتسولين يتعرضون لحرمانٍ من التعليم وحياة الطفولة الطبيعية، فيما تقع النساء ضحايا للاستغلال من قبل آباء أو أزواج أو إخوة مدمنين.
فالعلاقة بين التسول والإدمان وثيقة، إذ تشكّل الأسر التي تضم مدمنين نسبة كبيرة من الحالات، ويُعد التسول فيها وسيلة لتوفير المال للمخدرات.
كيف الوصول لـ«الحقيقي»؟
الأخصائية النفسية نورة القحطاني، ترى أن هناك اضطرابات نفسية متعدّدة تسهم في امتهان التسول، أبرزها الحرمان العاطفي والإحباط واضطرابات النمو، التي تدفع الفرد للبحث عن الإشباع العاطفي عبر سلوكيات منحرفة.
وأظهرت وسائل الإعلام حالات استُخدم فيها التسول كغطاء لأعمال مشبوهة، ما جعل المجتمع أكثر حذراً في التعامل مع المتسولين. فالمحسن الذي ينوي الصدقة قد يشعر بالخذلان حين يُستغل عطاؤه في غير موضعه، مما يضعف تعاطفه مع المحتاجين الحقيقيين.
وفي الوقت ذاته، تطورت أساليب التسول لتواكب العصر، عبر التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي، أو بادعاء بيع سلع بسيطة على الطرقات. وهي أساليب تتطلب رفع مستوى الوعي المجتمعي لتجنب الانخداع بمظاهر الحاجة الزائفة، خصوصاً أن هذا السلوك يضر بجهود الجهات المختصة في مكافحة التسول ويؤثر سلباً على التنمية الوطنية.
كما أن التسول الرقمي عبر الإنترنت جعل من الصعب التفرقة بين المحتاج الحقيقي والمحتال، فبعضهم يسعى للظهور أو جمع المال دون وجه حق، ما يستدعي استمرار حملات التوعية والتصدي القانوني لتلك الممارسات.
وتؤكد الجهات المختصة أن مواجهة التسول تتطلب تعاون المواطن والمقيم مع أجهزة الدولة، من خلال التوقف عن العطاء المباشر، والتوجه بالتبرعات عبر المنصات الرسمية والجمعيات الموثوقة التي تصل بالمساعدة إلى مستحقيها الحقيقيين، فمكافحة التسول مسؤولية جماعية، تبدأ من وعي الفرد وتنتهي بتكاتف المجتمع، حتى لا نفقد تعاطفنا مع المحتاج الفعلي الذي أقعدته ظروفه، دون أن نمنح المحتالين فرصة لاستغلال إنسانيتنا.
السيطرة على العواطف!
الأخصائي النفسي الدكتور خالد العثيمين يعتبر عبر «عكاظ»، أن سلوك التسول من وجهة النظر النفسية التي فسرتها الاتجاهات النظرية من إحدى صور ومؤشرات السلوك المرضي، خصوصاً عندما يكون نمطاً سلوكيّاً مزمناً لاستدرار التعاطف من المجتمع، ففي نظرية التحليل النفسي على سبيل المثال يتم تصنيف التسول كسلوك لا شعوري المنشأ يعوّض حالة الحرمان التي تعرض لها المتسول في مراحل طفولته المبكرة التي افتقد فيها إشباع الأمان والحب والدعم، والتي قد تظهر كدوافع لا شعورية عميقة من خلال اعتماده على الآخرين، والتهرب من مسؤولياته، في حين تنظر النظرية المعرفية إلى أن التسول جاء نتيجة لبعض الأفكار اللا عقلانية لاعتقادات مشوهة مثل؛ «الناس لن تمنحني قيمتي إلا عندما تشفق علي»، وكذلك «عملي ووظيفتي لن تحقق لي الربح والمال كالتسول»، وغير ذلك.
وأضاف الدكتور خالد، أن هناك جانباً نفسياً آخر من وراء هذا السلوك وهو أن التسول قد يعبر عن القوة غير المباشرة، عندما يشعر المتسول بأنه سيطر على عواطف الناس وتحكم بمشاعرهم. كما يظهر سلوك التسول كعادة إدمانية من خلال زاويتين؛ الأولى: سرعة استجابة الناس له بالمال وبالعطف، والثانية: التكيف النفسي الذي يقلب موازين منظومة القيم الذاتية لدى المتسول ويجعله يرى كرامة النفس والسعي لطلب الرزق لا أهمية لهما مقارنة بمكاسبه من التسول.
معاداة المجتمع
الدكتور العثيمين يضيف، أن المتسول يجمع ما بين السلوك الدفاعي من ناحية، والاحتيال الموجّه على حد سواء، فالسلوك الدفاعي يظهر من خلال تبريره بأن «الناس تملك الكثير من المال، ولن يؤثر عليهم لو منحوني البعض منه»، والاحتيال الموجع يتضح عندما يستمتع بأنه بهذا التسول يحقق ذكاءه الذي يتفوق به على المجتمع والناس.
ومن أنماط الشخصية المرضية التي يظهر فيها التسول كعرض مرضي متعدد، اضطراب الشخصية الهستيرية التي تظهر فيها سمات الدراما والحبكة المؤثرة في استعراض الحاجة والمعاناة والحرمان. ومن جانب آخر قد يظهر التسول كإحدى سمات الشخصية المعادية للمجتمع في استغلال الآخرين والاستمتاع بذلك وعدم الندم. واضطراب الشخصية الاعتمادية تظهر من خلال الاعتماد على الآخرين في الحصول على المال والمشاعر.
أضاف الدكتور العثيمين: إن المجتمع المتعاطف عندما يكتشف المصيدة وأنه تم خداعه من هذا المتسول، فإن رد فعله يتضمن صدمة ثقة في من يراهم الحلقة الأكثر حاجة في المجتمع، وبالتالي الدخول في رد فعل معمم حتى على المحتاج الحقيقي، وبالتالي بدء قسوة مجتمعية عامة على فئة المحتاج الحقيقي. وقد أقتصر في أثر التسول على المجتمع بأنه يشوّه صورة مفهوم الصدقة في سياقها المجتمعي البسيط والمبني على الثقة المطلقة بالمحتاج.
مشهورون..متسولون رقمياً!
عن دور الإعلام في توعية المجتمع قال الإعلامي فواز المالحي لـ«عكاظ»: إن دور الإعلام في مجابهة ظاهرة التسول مهم وجوهري، وهناك توعية كبيرة تقوم بها الجهات الحكومية المسؤولة من توعية وإرشاد عن سبل توجيه الصدقات والمساعدات عبر المنصات الرسمية التي تضمن وصول المساعدات للمحتاجين والمتعففين، لاسيما أن أساليب التسول غدت مختلفة ومتنوعة، وانتشرت أساليب التسول الإلكتروني عبر الصوت والصورة بطرق جادة، مثل طلب الدعم أو استجداء النزعة الإنسانية والدينية، وهو ما يجب الحذر منه، فالحملات الإعلامية شبه غائبة كون المجتمع أصبح يتغذى بصرياً ومعرفياً من منصات التواصل الاجتماعي التي لا يتطرق روادها لشأن التسول، كون معظّم المؤثرين متسولين رقمياً.
أما إسهام الإعلام في كشف ظاهرة التسول فليس بالأمر الجديد ليكشفه، ومعظم المجتمع أصبح لديه وعي كامل ومعرفة بالمتسول الواقعي الذي يسير في الأسواق أو حول المحلات التجارية، ولعل عدم توفر السيولة أيضاً ساهم في خفض توقعات المتسول أن هناك من يستطيع مناولته المال مباشرة.
أما الدور المطلوب فهو الانتباه للتسول الرقمي أكثر من التسول الواقعي، والتحذير عنه بشكل مستمر عبر حملات مسؤولة أو عبر إفشاء الوعي الفردي.
ما رأي النيابة؟
شددت النيابة العامة، على أن التسول جريمة بكل أشكاله، بما في ذلك التسول الإلكتروني، وتؤكد على أن عقوبة ممارس التسول هي السجن لمدة تصل إلى ستة أشهر أو غرامة تصل إلى 50 ألف ريال أو كلتا العقوبتين، بينما تشدد العقوبة إلى السجن لمدة تصل إلى سنة أو غرامة تصل إلى 100 ألف ريال أو كلتا العقوبتين لمن يدير متسولين ضمن جماعة منظمة. وتتولى النيابة العامة التحقيق وإقامة الدعاوى القضائية ضد المتسولين أمام المحكمة المختصة.
من هو المتسول؟
المحامي عبدالله الكاسب أوضح لـ«عكاظ»، أن المنظِّم عرَّف المتسول بأنه من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته، نقداً أو عيناً، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة أو المحلات الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت. كما بيّن أن ممتهن التسول هو كل من قُبض عليه للمرة الثانية أو أكثر يمارس التسول.
وشدد نظام مكافحة التسول على حظر جميع أنواع التسول بكل صوره وانواعه مهما كانت مسوغاته، ويحال ممتهن التسول إلى الجهة المختصة للتحقيق معه في حال قُبض عليه وهو يمارس التسول، وتتولى النيابة العامة إجراءات التحقيق في ذلك.
وعن العقوبات قال الكاسب: جاء في المادة الخامسة من نظام مكافحة التسول أنه يُعاقب كل من امتهن التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده -بأي صورة كانت- على امتهان التسول؛ بالسجن مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال، أو بهما معاً.
وفي حال كان التسول ضمن جماعة تمتهن التسول وتديره أو كل من أدار المتسولين أو قام بتحريض الغير للتسول فإنه يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة، أو بغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال، أو بهما معاً.
وأكد أنه يُبعد عن المملكة كل من عُوقب من غير السعوديين -عدا زوجة السعودي أو زوج السعودية أو أولادها- بعد انتهاء عقوبته وفق الإجراءات النظامية المتبعة، ويمنع من العودة للمملكة؛ باستثناء أداء الحج أو العمرة.
وتجوز مضاعفة العقوبة في حالة العود، بما لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى المقرر لها.
A long time ago, the sight of beggars was familiar in front of mosques and in public streets, dressed in torn clothes, with disheveled hair and bare feet. The scene evoked pity,
But over time, the scene changed, and the methods of begging evolved. Some began using medical papers and painful images to appeal to the hearts of passersby, making it difficult to distinguish between the truly needy and the fraudsters. With the expansion of social media platforms, the phenomenon transitioned to the virtual world, taking on new, more professional, and convincing forms.
Today, we see beggars in front of stations and pharmacies; with their clean cars and elegant clothes, they ask for help as if they are performing a well-rehearsed role in a recurring social scene.
Has begging become the shortest and easiest way to earn money?
One of the most notable stories circulating on the internet is a message received on mobile phones, possibly arriving with the sender's name indicating that they are living in difficult circumstances with their family in some foreign country, and that they wish to buy essential needs for their children or request financial assistance to help pay off a debt that may separate them from their children, or to dig a well in a village where water is scarce, among other dramatic fabricated stories that deceive many kind-hearted individuals.
Don't knock on the glass!
“Okaz” listened to the opinions of several citizens regarding the phenomenon of begging in the streets, and their responses varied between sympathy and caution. Nuwaf Al-Zahrani says: I used to be unable to refuse anyone asking for charity, but recently the number of beggars in the streets has increased, and we have started to fear them and their boldness in asking for money. Some even ask for electronic transfers, which has increased our caution towards them.
As for Asala Naif, she pointed out that currently, we see beggars driving new cars and asking for money on the pretext that they are not residents of the city. We have noticed license plates from neighboring countries, and sometimes our emotions get the better of us, so we consider them guests and help them. Meanwhile, Asma Omar said: If I want to give charity, I donate through the “Ehsan” website on my behalf and on behalf of my parents and children, and we always see warnings against giving to beggars in the streets, as we are considered a means for them to collect money, so I do not give to a beggar on the road.
Regarding her experience with beggars, Nora Al-Otaibi says: I try to prevent myself from giving money to beggars at traffic lights, but they catch us off guard with their claims of washing windows or selling tissues. If we don’t give them anything, they start knocking on the car window and repeating prayers until we try to appease them with a donation. Despite my deep sadness for them, I only sympathize with children, but my perspective changed after we saw cases of fraud and exploitation of children and the elderly to elicit sympathy.
Mohammed Al-Nahari says: I see that there is sufficient awareness in Saudi society regarding the phenomenon of begging, and many people have started reporting beggars because most of them are violating residency laws, and some practice it in an organized manner.
117,000 with a beggar
Among the stories of beggars is the arrest of a woman of Asian nationality who was begging, found in possession of tens of thousands and gold jewelry, which she obtained by appealing to people and engaging in this violation.
The Ministry of Interior clarified that the woman was arrested in Mecca by the security campaign teams combating begging, and she was found in possession of 117,000 Saudi Riyals, several foreign currencies, and gold jewelry.
Digital begging!
Social worker Salma Saqr, in a reading for “Okaz” about the phenomenon of begging, says: Despite the abundance of charitable organizations and social support programs that cover a wide range of needs for needy groups, the phenomenon of begging is still present in the streets, markets, and even on digital screens. This paradox raises fundamental questions about the real reasons for its persistence and the collective responsibility towards it.
The reasons for the continuation of begging are varied, including social, economic, and psychological factors. Some have found in begging an easy way to earn without effort, exploiting people's sympathy and their religious emotions. Beggars cannot be confined to a single category; some are victims of harsh circumstances, such as disability or family disintegration, while others have made begging a profession, moving between cities and coordinating with others in organized groups. These do not seek help out of need but out of exploitation and illegal gain, and it may be a calculated choice for an easier path to wealth. With the spread of digital platforms, the phenomenon has evolved to take on a new form.
Regarding electronic begging, she added: Beggars appear in video clips or impactful posts, asking for money or support under humanitarian or medical pretenses, coinciding with the ease of online financial transfers, which has contributed to making fraud more widespread, and sometimes it crosses borders.
Social worker Salma Saqr adds that these means have exacerbated the problem, opening new forms of begging that have surpassed randomness to become closer to organized networks that exploit religion, emotion, and childhood to achieve financial gains, using role distribution and fabricated stories, making it a form of disguised fraud that prolongs the life of the phenomenon.
The real needy... is dignified
Salma Saqr believes that social responsibility is a leading tool for understanding the ideology of beggars and awareness of the modern mechanisms they use. Citizens, in turn, must be aware, not emotional, and have the ability to distinguish between a beggar and a truly needy person; the real needy often does not show their need in public and can be reached through charitable organizations. On the other hand, those who profit from begging often repeat the same scene in different places or use impactful dramatic methods. Therefore, the best way to give is through accredited organizations, not anonymous individuals.
The media plays a crucial role in correcting concepts by highlighting the dangers of begging and its effects on security and society, encouraging people to give in an organized manner.
It can also highlight the success stories of needy individuals who have been helped through official channels, serving as role models for responsible giving.
The phenomenon has created a state of societal hesitation; people want to give, but they fear being deceived. Begging, at its core, is a humanitarian problem, and its solution does not lie in preventing giving but in organizing and directing it. When society realizes that true help does not occur in the street but through trusted channels, only then can this phenomenon, which exploits the name of need and touches the emotional side of humans, begin to decline.
Multiple causes and intertwined threads
Sumah Al-Ghamdi (Chairwoman of a charitable organization) told “Okaz”: Begging is no longer what it used to be; it has transformed from a behavior driven by need to a profession practiced by some with full awareness and exploitation of human emotion. Between psychological motivations and social circumstances, the reasons are varied, and the threads are intertwined, revealing a phenomenon that deserves prolonged attention. The weakness of religious motivation is one of the most important psychological drivers, as some beggars lose their sense of embarrassment or social shame, seeing begging as an easy and profitable profession regardless of religious warnings against it.
Family disintegration resulting from divorce, poverty, or homelessness also contributes to pushing some towards this behavior, accompanied by feelings of despair and helplessness resulting from difficult social and economic conditions.
Conversely, low self-confidence and a poor self-image play a significant role in entrenching this behavior, as some find in begging a form of material or emotional fulfillment.
For some, it may turn into a compulsive form of begging, practiced even when their living conditions improve due to habituation or psychological pressure, resorting to eliciting the sympathy of others through impactful and convincing methods.
Experts believe that many of these cases require cognitive-behavioral therapy to modify the prevailing thoughts and concepts among them and to rebuild trust and the ability to earn legitimately.
A comfortable source of income!
Sumah Al-Ghamdi adds that field observations show the existence of a group that has not reached the stage of actual need but has found in begging a comfortable source of income, turning it into a habitual and possibly psychological behavior. Cases arrested by the relevant authorities revealed that some have substantial financial savings, proving that begging has become a lifestyle based on eliciting sympathy rather than actual need.
Al-Ghamdi emphasized that begging is a conscious fraud practiced by some willingly, except in cases of exploitation, such as using children and women in the streets and malls, as they evoke sympathy from the public. Studies indicate that begging children are deprived of education and a normal childhood, while women fall victim to exploitation by addicted fathers, husbands, or brothers.
The relationship between begging and addiction is close, as families with addicts constitute a significant percentage of the cases, and begging in these families is a means to secure money for drugs.
How to reach the “real” needy?
Psychologist Nora Al-Qahtani believes that there are multiple psychological disorders contributing to the profession of begging, the most prominent of which are emotional deprivation, frustration, and developmental disorders, which drive individuals to seek emotional fulfillment through deviant behaviors.
Media outlets have shown cases where begging was used as a cover for suspicious activities, making society more cautious in dealing with beggars. A benefactor intending to give charity may feel disappointed when their generosity is exploited inappropriately, weakening their sympathy for genuine needy individuals.
At the same time, begging methods have evolved to keep pace with the times, through technology and social media platforms, or by pretending to sell simple goods on the streets. These methods require raising societal awareness to avoid being deceived by false appearances of need, especially since this behavior harms the efforts of relevant authorities in combating begging and negatively affects national development.
Moreover, digital begging via the internet has made it difficult to distinguish between the genuinely needy and the fraudster, as some seek to appear or collect money unjustly, necessitating ongoing awareness campaigns and legal action against such practices.
Authorities confirm that combating begging requires cooperation from citizens and residents with state agencies by stopping direct giving and directing donations through official platforms and trusted charities that ensure assistance reaches the true beneficiaries. Combating begging is a collective responsibility that begins with individual awareness and ends with community solidarity, so that we do not lose our empathy for the genuinely needy who have been hindered by their circumstances, without giving fraudsters the opportunity to exploit our humanity.
Controlling emotions!
Psychologist Dr. Khalid Al-Othaymeen considers, through “Okaz,” that the behavior of begging, from a psychological perspective, is one of the forms and indicators of pathological behavior, especially when it is a chronic behavioral pattern aimed at eliciting sympathy from society. In psychoanalytic theory, for example, begging is classified as an unconscious behavior that compensates for the deprivation experienced by the beggar in their early childhood, where they lacked security, love, and support, which may manifest as deep unconscious motivations through reliance on others and evading responsibilities. Meanwhile, cognitive theory views begging as a result of some irrational thoughts stemming from distorted beliefs, such as “people will not grant me my worth unless they feel sorry for me,” and “my work and job will not yield me profit and money like begging,” and others.
Dr. Khalid added that there is another psychological aspect behind this behavior, which is that begging may express indirect power when the beggar feels they have controlled people's emotions and manipulated their feelings. Begging behavior also appears as an addictive habit through two angles: first, the quick response of people with money and sympathy, and second, the psychological adaptation that alters the self-value system of the beggar, making them see self-dignity and the pursuit of earning a living as less important compared to the gains from begging.
Societal antagonism
Dr. Al-Othaymeen adds that the beggar combines defensive behavior on one hand and directed fraud on the other. Defensive behavior is evident in their justification that “people have a lot of money, and it won’t affect them if they give me some,” while painful fraud is clear when they enjoy achieving their intelligence that surpasses society and people through this begging.
Among the patterns of pathological personality where begging appears as a multifaceted symptom is hysterical personality disorder, which exhibits drama and impactful narratives in showcasing need, suffering, and deprivation. On the other hand, begging may manifest as one of the traits of antisocial personality in exploiting others and enjoying it without remorse. Dependent personality disorder is evident through reliance on others to obtain money and emotions.
Dr. Al-Othaymeen added that when the empathetic society discovers the trap and realizes it has been deceived by this beggar, its reaction includes a shock of trust in those they see as the most needy in society, leading to a generalized reaction even towards the genuinely needy, thus beginning a general societal harshness towards the genuinely needy. He limited the impact of begging on society by stating that it distorts the image of the concept of charity in its simple societal context, built on absolute trust in the needy.
Famous... digital beggars!
Regarding the role of the media in educating society, journalist Fawaz Al-Malhi told “Okaz”: The media's role in confronting the phenomenon of begging is important and essential, and there is significant awareness being raised by responsible government agencies regarding how to direct donations and assistance through official platforms that ensure help reaches the needy and dignified, especially as begging methods have become diverse and varied. Electronic begging methods have spread through audio and visual means in serious ways, such as requesting support or appealing to humanitarian and religious sentiments, which must be approached with caution, as media campaigns are almost absent since society has become visually and knowledgeably fed by social media platforms that do not address the issue of begging, as most influencers are digital beggars.
As for the media's contribution to exposing the phenomenon of begging, it is not a new matter to reveal, and most of society has full awareness and knowledge of the real beggar who walks in markets or around commercial shops. Perhaps the lack of liquidity has also contributed to lowering the beggar's expectations that there are those who can hand them money directly.
The required role is to pay more attention to digital begging than to real begging, and to continuously warn about it through responsible campaigns or by spreading individual awareness.
What is the opinion of the Public Prosecution?
The Public Prosecution emphasized that begging is a crime in all its forms, including electronic begging, and confirms that the penalty for practicing begging is imprisonment for up to six months or a fine of up to 50,000 Riyals, or both penalties. The penalty is increased to imprisonment for up to one year or a fine of up to 100,000 Riyals, or both penalties, for those who manage beggars within an organized group. The Public Prosecution is responsible for investigating and filing lawsuits against beggars before the competent court.
Who is the beggar?
Lawyer Abdullah Al-Kasib explained to “Okaz” that the organizer defined the beggar as someone who solicits to obtain someone else's money without compensation or for a compensation that is not intended in itself, whether in cash or kind, directly or indirectly, in public places or private shops or through modern technology and communication means, or by any means. He also indicated that a person who is caught begging for the second time or more is considered a professional beggar.
The Anti-Begging Law emphasizes the prohibition of all types of begging in all its forms and justifications, and a beggar is referred to the competent authority for investigation if caught practicing begging, and the Public Prosecution undertakes the investigation procedures in this regard.
Regarding penalties, Al-Kasib said: Article five of the Anti-Begging Law states that anyone who practices begging or incites others or agrees with or assists them - in any form - to practice begging shall be punished by imprisonment for a period not exceeding six months, or a fine not exceeding 50,000 Riyals, or both.
If begging occurs within a group that practices and manages begging, or if someone manages beggars or incites others to beg, they shall be punished by imprisonment for a period not exceeding one year, or a fine not exceeding 100,000 Riyals, or both.
He confirmed that any non-Saudi who is punished - except for the wife of a Saudi or the husband of a Saudi woman or their children - shall be deported from the Kingdom after serving their sentence according to the applicable legal procedures, and they are prohibited from returning to the Kingdom, except for performing Hajj or Umrah.
The penalty may be doubled in case of recidivism, not exceeding twice the maximum limit set for it.
