الفنان محمد حمزة
الفنان محمد حمزة
-A +A
خالد الجارالله (جدة) kjarallah@

أطفأ الموت اليوم (الأربعاء) قنديل الدراما السعودية الوضاء الفنان محمد حمزة بعد معاناة مع المرض، وطوى صفحته الأخيرة مورثاً في عقبه سيرة درامية خالدة كان عميدها وفارسها الأول.

وتتهادى على الذاكرة مشاهد أعماله الشهيرة، التي لا يمكن أن تمر على الشاشات دون أن تُحملق الأعين بشغف متناهٍ وحنين عميق، وقد عبق الذاكرة الفنية بنتاج فني زاخر وفاخر ظل صامداً زهاء ثلاثة عقود رغم اختلاف التقنيات وتنوع الذائقة.

حمزة الذي أمسك منذ بداياته بخيوط التمثيل، وحاك بردة عمادته للدراما المحلية بأعماله ذات الطابع الرومانسي التي ما زالت تحظى ببريق جاذب رغم كل هذه السنوات على عرضها لأول مرة، رحل بعد أن ساهم في ترسية قواعد الفن السعودي منذ بداياته الأولى، وكان من رواد الحركة الفنية عبر أدواره الشهيرة، التي دلف إليها أول السبعينات الميلادية، عبر بوابة الإذاعة والتلفزيون السعودي مع انطلاقتها، حيث عمل مذيعاً فانتقل للتأليف وكتابة المسلسلات وكان باكورة أعماله «غيوم في الصيف»، أتبعها بعدد من السهرات التي لم تلق صيتاً كبيراً، غير أن عام 1982 كان تحولا نوعياً في تاريخه الفني عبر مسلسل «أصابع الزمن» الذي لعب بطولته إلى جانب ابنيه وائل ولؤي وكل من مديحة حمدي ونسرين وفؤاد بخش وحمدان شلبي، وكان أشبه بزلزال فني تداعت بصيته الصحافة الخليجية وأشاد به النقاد العرب، وشكل قاعدة انطلاق جديدة وضعته على القمة وتمخض عنها عدد كبير من الأعمال أشهرها النقلة الثانية في تاريخه في عام 1989 عندما كَتب وأنتج ومثّل في مسلسل «ليلة الهروب» وعرض على القناة الأولى للتلفزيون السعودي في شهر رمضان، وحقق نجاحاً كبيراً أيضاً، وتوالت أعماله بعد ذلك.

وشكل الفنان محمد حمزة الثقل الدرامي السعودي بعد أن رسخ مع نجليه وائل ولؤي نكهة خاصة في الدراما المحلية بلغت ذروة نجاحاتها وأوج تألقها في أعمال مازالت خالدة في ذاكرة الناس رغم السنوات الطويلة، إذ لا يمكن أن يأتي الحديث عن التراجيديا المحلية دون أن يستحضر السعوديون مسلسلاتهم العريقة «أصابع الزمن» و«ليلة هروب» و«قصر فوق الرمال» و«دموع الرجال» وغيرها، فقد كانوا ثلاثتهم معولا للنجاح في تلك الأعمال التي ذاع صداها خليجيا وعربيا وعلى مستوى المهرجانات التلفزيونية أيضا.

كُرم محمد حمزة عربياً، وذلك في 2006 من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، لكنه وبرأي جمهوره والمتابعين لإنتاجه طيلة العقود الماضية كان يستحق التكريم على نحو كبير في حياته، لاسيما أن جيل اليوم قد لا يعرف عن تاريخه الفني الكثير.

واستمر عطاء الفنان محمد حمزة من بداية الثمانينات إلى 2013 حينما طوى مسيرته بالمشاركة الأخيرة في مسلسل «أهل البلد» ليتوارى عن الأنظار، حتى تشرفت «عكاظ» بإجراء حوار معه قبل 6 أشهر (28 فبراير 2020) سلطت فيه الضوء على إنجازاته في مسيرته الفنية، وعنونته بعنوان («شجرة الدراما» ظللت الساحة الفنية وتجاهلوها 22 عاماً.. «جحدوه»)، فيما تفاعل في أبريل الماضي مع ردود الفعل الواسعة بعد بدء إعادة عرض حلقات مسلسله الشهير أصابع الزمن على قناة ذكريات الجديدة، والذي أنتجه قبل 38 عاماً وعرض على شاشة القناة السعودية، من بطولته، وابنيه وائل ولؤي، وعدد من رواد الفن السعودي. وخص «عكاظ» آنذاك بفيديو عبر فيه عن سعادته بردود الفعل التي وصلته، وطالب جمهوره بالبقاء في المنزل والامتثال للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة للوقاية من داء كورونا.

«عكاظ» التي آلمها النبأ، تتقدم بخالص العزاء والمواساة لذويه ومحبيه، داعية الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وأسرته الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.