لم يكن الحديث عن السياحة مجرد طرح عابر، بل كان رحلة نحو المستقبل، مستقبلٍ نراه يتشكّل أمام أعيننا مع رؤية ولي العهد التي لا تتوقف عن دفع المملكة نحو آفاق جديدة. الأهداف أصبحت واضحة، فالسعودية تتجه بثبات نحو مستقبل آمن وقادر على مواجهة أي تقلبات اقتصادية عالمية، مستندة إلى رؤية عميقة لموقعها وقدراتها.

تتقدّم الرياض اليوم لتأخذ مكانها الطبيعي بين أهم عشر مدن في العالم. فالعاصمة التي بُنيت لبنة فوق أخرى طوال نصف قرن من قيادة الملك سلمان- باعتباره «أمير التنمية»- أصبحت مدينة عالمية بمعايير البنية التحتية والاستعداد للنمو. الرياض التي نعرفها اليوم تمتلك من الإمكانات ما يجعلها مؤهلة لاحتضان مشاريع نوعية ضخمة، وقادرة على استيعاب الزيادة السكانية، مقارنة بمدن كثيرة حول العالم لا تملك هذا الأساس المتين.

إن دخول الرياض إلى نادي المدن العالمية الكبرى ليس مجرد لقب، بل إعلان مرحلة جديدة تكون فيها المدينة محرّكاً أساسياً للاقتصاد الوطني.

هذا التحوّل يحمل معه فرصاً استثمارية واسعة، ووظائف نوعية، ومناخاً اقتصادياً سيصب في مصلحة جميع مدن المملكة، من خلال تدفق رؤوس الأموال وخلق منظومة اقتصادية متنوعة.

الرؤية اليوم واضحة: المملكة قادرة على العيش والتكيّف مع كل المتغيّرات. فليس النفط وحده من سيبني المستقبل، بل تعدد المبادرات التي تمزج بين العلم والفرص العالمية، وتستفيد من المزايا الضخمة التي تمتلكها السعودية في مواردها وموقعها وقدرات شبابها.

ويأتي صندوق الاستثمارات العامة ليكون المحرك العملي لهذا التحوّل، فهو يوفر أهم ما تحتاجه الدول للسير نحو الريادة: مناخ ملائم للكفاءات وللمشاريع وللمنتجات لتتحوّل إلى كيانات اقتصادية ضخمة. فجوهر التنمية لا يكمن فقط في المال، بل في البيئة التي تمكّن روّاد الأعمال والمبدعين من تحويل أفكارهم إلى استثمارات حقيقية.

في ظل التغيّرات العالمية المتسارعة، نرى كيف أصبح النفط عنصراً متراجعاً في المعادلة الاقتصادية الدولية، مع توجه الصناعات نحو الكهرباء والطاقة النظيفة. لم يعد الاعتماد على النفط خياراً آمناً للمستقبل، ولذلك تستعد المملكة لهذا التحوّل بشكل مبكر، مستفيدة من فرص هائلة تعهدت رؤية 2030 بتحويلها إلى مصادر دخل مستدامة.

ومن بين تلك الفرص، تبرز السياحة بوصفها «نفط السعودية الجديد». فالمملكة اليوم تقدّم مناخاً استثمارياً آمناً وموثوقاً، تحكمه قواعد الحوكمة ومكافحة الفساد، مما يجعل الاستثمار في السياحة وغيرها من القطاعات غير النفطية خياراً جذاباً وعالي الجدوى.

إن السعودية تسير بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد متنوع ومستقبل مستدام، والرياض ستكون في قلب هذا التحوّل، مدينة عالمية تقود اقتصاداً عالمياً ناشئاً من أرض الفرص.