حين علا الشاعر الجاهلي الحارث بن حلزة بأبياته بعد حرب البسوس:
آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ
رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ
لم تكن تلك المعلقة هجاء وذماً في قومه، إنما حباً ودفاعاً عنهم، وهي -أيضاً- ترجيح للعقل في قوله:
يخلطون البريء مِنا بذي الذنب
ولا ينفع الخليَ الخلاءُ
المقصود من تلك المقدمة لمعلقة «ابن حلزة»؛ أنه في بعض الأحيان ربما تجتاحنا مشاعر غضب حين لا نجد إنصافاً من غيرنا، أو حين نجد أنفسنا في قفص اتهام لا ناقة لنا فيه ولا جمل غير أننا تواجدنا في الزمن والمكان الخطأ، لكن الحصيف من يلجم غضبه ويوقفه عند حدِّه.
وقد قيل في الحِكَم: «أخذ الحق حِرفة»، أي أن استعادة الحقوق ليست ردود فعل سريعة ومواجهة غاضبة، إنما عقلٌ وذكاءٌ وصبرٌ و«تكتيك» وهدوءٌ ووقتٌ مناسب، ويظلُّ احترام الآخرين وأفكارهم ومشاعرهم أمراً حتمياً، فهو دليل وعي وتربية وثقافة وحكمة وقوة. فمدلول الكلام؛ ليس أن نحيا داخل بوتقة الظلم والقهر ولا السكوت عنهما، بل التصرف بحكمة لرفع الظلم عن أنفسنا.
بعض الشباب حين يفتقد بعضا من عزيمته بسبب ظلم بيئة علمه أو تقهقر حياته الشخصية؛ يكون قراره هو «الاستسلام»، ولكنه حين يتوقف عن المقولة الخالدة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «همته كهمة طويق» يستعيد ذلك الشاب همته وعزيمته ويحوِّل انكساره إلى قوة. لذلك؛ على كل شاب أن يغيِّر مصطلح «عائق» إلى مواجهة التحدي في حياته اليومية، وأن يثق في قدراته، فحقوقه محفوظه لدى قيادة هذا البلد المعطاء ولو بعد حين.


