-A +A
ميسر البديوي

تبقى المهرجانات هاجس المولعين بها، إذ تتلهف نفوسهم لما يعرض فيها؛ ذلك أنها لا تقام غالبًا إلا مرة في العام، ومن الجلي أن يكون الاستعداد لها قائمًا على قدم وساق، ومنطقة الجوف شهيرة بمهرجاناتها المتعددة، بيد أن مهرجان «الزيتون» الذي يقام سنوياً هو أشهرها، ويقام في مركز الأمير عبدالإله الحضاري بمدينة سكاكا، وهذا العام كان مختلفاً تماماً، إذ إن مستوى المهرجان والفعاليات المصاحبة لمهرجان زيتون الجوف الدولي الـ14 الذي تشهده منطقة الجوف في صيف هذا العام، يؤكد التطور المتزايد في مستوى المهرجان من حيث جودة التنظيم ونوعية الفعاليات والتي أصبحت من عوامل الجذب المهمة والأساسية للسياحة الداخلية والخارجية وبتميز نشاط سياحة التسوق والترفيه في الجوف، والتي تقام ضمن مهرجان يتميز بأنشطة وبرامج متعددة ملفتة ذات حلة جديدة.

«تطوير الفعاليات السياحية ومهرجانات منطقة الجوف على أسس استثمارية» هي مبادرة فردية كتبتها وقدمتها إلى مكتب تحقيق الرؤية في إمارة منطقة الجوف عام 2019، وكنت أهدف منها إلى تسهيل حصول القطاع الخاص على المساندة سواءً من إمارة منطقة الجوف في التنظيم وتطوير الفعاليات والمهرجانات ذات المردود الإيجابي على صناعة السياحة في منطقة الجوف ولتحقيق تنمية سياحية مستدامة.

فقد بدأت الجوف ترتقي وتعد من المناطق المهمة وقريباً ستعلو لمصاف المناطق الكبرى في وطننا الغالي وتنافس بمنتجاتها المنفردة، وتكمن أهمية منطقة الجوف في الوقت الحاضر بالإضافة إلى ما سبق ذكره إلى كونها تتميز بوفرة المياه الجوفية الصالحة للزراعة وسهولة استخراجها وخصوبة تربتها بحيث تسمح بزراعة أغلب المحاصيل الزراعية بقصد الاستثمار في المشاريع الجيدة كما هو حاصل في ضوء النهضة الزراعية التي شهدتها المملكة زراعياً ما يمثل أحد الركائز الأساسية للنهضة التنموية.

إن الهدف من المهرجان التعريف بمنطقة الجوف أولًا، ثم إبراز أهم ثرواتها الزراعية ثانيًا، وذلك بما يعود على المنطقة بالخير العميم، فقد أصبح هذا المهرجان شهيرًا على مستوى العالم العربي، حيث وصل زيت الجوف إلى جميع مناطق المملكة ودول الخليج العربي، وبعد مرور 14 سنة على المهرجان أصبح عالمياً، كما يهدف المهرجان إلى اتساع رقعة الاستثمار بزيت الجوف، والاكتفاء بمنتج وطني ينافس زيت العالم وفق رؤية 2030 التي تسعى لإيجاد مصادر للاستثمار بعيداً عن النفط.

وتولت أمانة منطقة الجوف البدء والاستعداد للتأسيس لنشاط المهرجان والاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية في تنظيمها وعملت مع الشركاء منذ وقت مبكر على التحضير والإعداد لهذا المهرجان لما لها من تأثير كبير ومباشر في دعم اقتصاد وسياحة المنطقة، بالإضافة إلى استقطاب الفعاليات للكثير من أبناء مناطق المملكة ودول الخليج العربي الذين يفضلون تمضية إجازتهم الصيفية في بعض مناطق المملكة ومن ضمنها الجوف لما تتميز به من مقومات جعلتها وجهة للسياحة القيمة الجميلة.

إن النسخة الرابعة عشرة تعتبر مميزة مُنذ الافتتاح الرائع، والتنظيم الجميل الذي راعى الظروف الراهنة بالاحترازات والدخول عبر التسجيل لتحقيق التباعد بين الحضور الغفير من الجمهور، وأيضًا احتفالية تاريخية لما حققه من أرباح ومبيعات عالية، وذلك بعد أن حقّق المهرجان نقلة كبيرة لمنتج المنطقة من الزيتون وزيته؛ حيث أصبح اليوم جودة عالمية تمتلك مساحة جيدة بالسوق السعودية، وهدفًا للتجار والمستهلكين، واحتوى المهرجان بوليفارد على أقسام فاعلة ومشاركة؛ وضمت أكبر خيمة معرض الزيتون، وعرض المزارعون إنتاجهم من الزيتون وزيته، شاركتهم تسع دول لعرض منتجاتها وهي (أمريكا وإسبانيا والصين والارجنتين وايطاليا والاردن وفلسطين وجمهورية مصر والمغرب) ما زاد المهرجان حراكاً اقتصادياً ملفتا، ونظراً لجودة زيت الجوف ومذاقه المميز وكثرة فوائده فقد يرتفع سعره قليلاً، فهو حقل استثماري وطني خصب، لذا فإننا نأمل النظر إلى هذا المهرجان العالمي، بأن تخصص له مساحات ملائمة بها مبنى مستقل ثابت ودائم، واختيار مكان متوسط بين سكاكا ودومة الجندل تفعّل فيه جميع مهرجانات المنطقة، ويشمل مباني لكل قسم يعرض فيه الانتاج مزود بجميع الخدمات، ووجود مصنع لزيت الزيتون يختص بمخللات الزيتون، وتصنيع مخلفات عصير الزيتون وإنتاج الفحم، كذلك الجوف يحتاج مستودعات لحفظ الزيت ومنتجاته، كما نأمل من إمارة الجوف الاعتناء بهذا المحفل المهم للمنطقة، وأن تشرف عليه إشرافًا تامًا، وأن توجه المعنيين بالرقي به أيما رقي.

زيتون الجوف من انجح المشاريع بل ركيزة لاقتصاد بلادنا، يحتاج دعماً. والتاريخ اثبت علاقة الجوف بالزيتون ونحن نفخر بمنتجات بلادنا ذات الجودة العالية.