-A +A
ماجد قاروب
يجب أن يكون الحكم مبنيا على أسباب واضحة جلية، ولا يكون كذلك إلا إذا كان يحمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة والمستندات المقدمة إليها، ووازنت بعضها بالبعض الآخر، ورجحت ما تطمئن إلى ترجيحه بما ينبئ عن بحث ودراسة أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة حتى تتوافر الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه.

وإذا لم يبين الحكم سنده القانوني لما قضى به أو يورد النصوص القانونية التي طبقها على واقعة الدعوى أو يناقش الأساس الذي انبنى عليه، فإن هذا من شأنه أن يُجهل بالأساس الذي أقام عليه الحكم قضاءه ويتعين نقضه.


ولأهمية وخطورة تسبيب الأحكام أنه قد يؤدي إلى بطلان الحكم في حال ضعفه أو عدم صحته أو عدم وضوحه.

ولهذا سبق لوزارة العدل وفي إطار مشروع تطوير مرفق القضاء تنظيم ملتقى تسبيب الأحكام القضائية لغرض تزويد المشاركين بالمعارف اللازمة للتسبيب وعناصره وشروطه وإكسابهم مهارات تسبيب الأحكام، والتذكير بدور التسبيب في إقناع الخصوم والرأي العام، وكذلك التعريف بعيوب تسبيب الأحكام الجنائية ومفهوم القصور في التسبيب وفساده، ومناقشة مكانة المواثيق الدولية في تسبيب الأحكام الجنائية، وأهمية إيراد أركان الجريمة وظروفها في تسبيب الحكم الجنائي الذي يجب أن يستند على الدليل القاطع وليس الشبه أو القرينة.

وكان من أهم أوراق العمل تلك التي قدمها القاضي والمستشار بمكتب معالى وزير العدل الدكتور عبد الله السعدان وعنوانها «الأمور المعتبرة في صياغة الأحكام القضائية» ومنها: أن يعبر الحكم عن فهم دقيق للوقائع وأدلة الدعوى، وأن تقوم على أسباب واضحة، وأن يلتزم القاضي بنطاق الدعوى المنظورة أمامه فيتقيد بنظر الدعوى المدنية وإذا تبين له حاجة لنظر دعوى جنائية فعليه وقف الدعوى المدنية إلى حين الفصل في الدعوى الجنائية، كما هو الحال إذا طعن أحد الخصوم بتزوير أحد المستندات، وإيراد أدلة الإثبات أو النفي بشكل واضح، وكتابة الحكم بأسلوب القاضي بعد استيعابه لوقائع الدعوى استيعابا كاملا.

كما قدمت دراسة من إعداد معالي الشيخ عبد الله آل خنين عضو هيئة كبار العلماء أوضح فيها بأنه على القاضي أن يبين للمحكوم عليه حكم الشرع في الواقعة ويذكر الدليل عليه، ولا يعتمد القاضي إن على قرينة ضعيفة أو وقائع لا يشهد له الشرع بالاعتبار، ويلزم القاضي استخدام الاصطلاحات الشرعية فقهاً وقضاءً.

كما كتب القاضي الدكتور عبداللطيف القرني عن «تسبيب الأحكام القضائية بين الواقع والمأمول» انتهى فيه على أن يمكن الطعن في أي حكم متى ما كان يفقد مقوماته المعتبرة فكيف إذا كان منعدم الأسباب!

* كاتب سعودي

majedgaroub@