-A +A
عبدالله عمر خياط
الحج والصيام مرتبطان بحركة القمر، فالحج عرفة، وعرفة هو يوم التاسع، ولا نعرف متى التاسع إلا إذا ثبتت رؤية الهلال، كما أن هذه الرؤية هي التي تقرر بدء الصيام.

ورؤية الهلال لا تحتاج إلى دكتوراه من إحدى الجامعات العريقة أو المغمورة، إذا أعطاك الله عافية البصر فذلك يكفي، وقد يأتي شاهد الرؤية قروي أمي نظر في السماء فأبصر الهلال فجاء إلى المحكمة وشهد، فأمر القاضي الناس بالصيام.


ويشاء الله أن يتطارح المثقفون والأميون والكبار والصغار، والرجال والنساء في كل عام مع قدوم رمضان كيفية رؤية الهلال، ومن رآه، وفي أي مدينة أو قرية أو ساحل شوهد، ويتبع ذلك هل تتفق الرؤية مع الحساب، وهل قال الفلكيون إن الرؤية متوافقة مع الحساب الفلكي، وأيهما الصحيح؟ حتى إذا جاء رمضان القادم خاض الناس في نفس الموضوع وتساءلوا عمن رأى ومن لم يرَ، وعن الدول التي صامت والدول التي تقدمت أو تأخرت في الصيام... إلخ إلخ.

ومع اختلاف الناس والأقطار في كل ذلك إلا أن الله سبحانه وقد جعل الحج عرفة، فقد وضع نظاماً ربانياً يحجز خلاف رؤية هلال رمضان فيتفق الجميع من الدول الإسلامية في المشرق والمغرب على تاسع يوم عرفة، وإلا لحدث ما لا يحمد عقباه عندما يتأخر حساب الشهور فيصبح رمضان عندنا هو شوال عند آخرين أو شعبان عند طرف ثالث، لكن تاسع ذي الحجة يضبط الميزان.

ومع النقاش حول الحساب الفلكي وثبوت الرؤية للهلال بالبصر، فقد نشرت جريدة الأهرام يوم الأربعاء 30 شعبان 1439هـ جواباً على سؤال يضع الأمور في نصابها. قال السائل: ما هي طرق إثبات دخول شهر رمضان الكريم؟ وأجابت دار الإفتاء المصرية بالقول: «يثبت دخول شهر رمضان كغيره من الأشهر العربية القمرية برؤية الهلال، ويُسْتَطْلَع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ شهر رمضان، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ»، وبهذه الطريقة أيضًا يثبت دخول شهر شوال. والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعا، مع الاستئناس بالحساب الفلكي، إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكي يَنْفي ولا يُثْبِت، فيؤخذ به في نفي إمكانية طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه في الإثبات، حيث يؤخذ في إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي. فإذا نفى الحساب إمكان الرؤية فإنه لا تُقْبَل شهادة الشهود على رؤيته بحال، لأن الواقع الذي أثبته العلم الفلكي القطعي يُكَذِّبهم. وفي هذا جَمْعٌ بين الأخذ بالرؤية البصرية وبين الأخذ بالعلوم الصحيحة سواء التجريبية أو العقلية، وكلاهما أمرنا الشرع بالعمل به، وهو ما اتفقت عليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية.

السطر الأخير:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».

*كاتب سعودي

aokhayat@yahoo.com