-A +A
هيلة المشوح
شاهدت فيديو لشاب يرفع العصا ويوجه بأنها الحل المناسب للمرأة حين تطالب بحقوقها، وقد اختصر هذا الشاب المتخلف في هذه الثواني ثقافة بائسة منتشرة بين أوساط البسطاء تفكيراً وعقلا وبيئة فكرية واجتماعية.

لا أعلم لماذا ربطت ذهنياً بين مشهد الشاب «أبو عصا» وبين أنين فتاة من حفر الباطن تستنجد تحت وطأة تعنيف والدها هي وأمها -حسب قولها-، وربما جاء ربطي هذا بحكم الثقافة التي امتهنت المرأة وجعلتها بسبب الموروثات البالية، عرضة للتفريغ المرضي القميء من ذكور يعانون النقص والجهل من أصحاب السوابق والمخدرات، وبعد أن تصاعدت نسبة العنف ضد المرأة إلى 87% وهي نسبة عالية، بل مخيفة وتدعو للاستنفار وتكاتف الجهود لإيجاد حلول «جذرية».


سؤال لطالما حيرني وآلمني: لماذا تسجن المعنفة في دار الحماية؟

لماذا لا تترك حرة آمنة في بيتها ومجتمعها لتمارس حياتها بحرية دون أسوار عالية وسجان؟

ولماذا لا يسجن معنفها في دار للتأهيل والتأديب مثلاً لإعادة هيكلة عقله البائس من نواح عدة كحقوق العائلة وعلاقاتها والقوانين التي تنظم هذه العلاقة والإجراءات التي ستلحق به ويتكبد تبعاتها في حال الاعتداء على أي فرد في أسرته حتى تتم محاكمته ونزع ولايته على أي امرأة، وهذا بالمناسبة واقع أي مجتمع سوي، فالضحية عادةً حرة طليقة والمعتدي إما في مصحة أو سجن، بينما عندنا العكس!

بفضل «الصدمة» بدأنا ننفض «الولاية المجتمعية» وهو نوع خاص من ولاية المجتمع على بعضه تفردنا به، فبعض المجتمع ولي على بعضه الآخر يأمره وينهاه وينتقد تفاصيل حياته ويوجهه كيف ينام ويلبس ويأكل وكيف يدخل دورة المياة إلخ، والأحرى أن نعالج «الولاية على النساء» نواجه هذا القيد المؤرق الذي بدأ يظهر بوجهه المستبد ولم يعد حديثا فانتازيا مبهما يحكي ولا يرى، يتهامس به الجيران ويجهله البقية، ففي الوقت الذي نمر فيه بتحولات كبرى وانفتاح متسارع على العالم، فهناك نمو في الوعي لدى النساء بحقوقهن المسلوبة بأمزجة وأهواء بعض الذكور فتوثيق كل حادثة ونشرها أصبح أسرع حل لتجاوزات ولي الأمر فقد كانت ثقافة (نشر الغسيل، والعقوق، والخصوصية، والبيوت أسرار ...)، بالأمس القريب من أسباب تكريس هذا العنف والتكتم عليه عكس ما نحن عليه الآن!

أخيراً..

ما اختلفنا أنكم مجتمع متدين وأكثركم يراعي الله في النساء وما فيه مثلكم في الكون، ولكن مسلسل العنف وما أفرزته وسائل التواصل تؤكد أن التمسح بالقيم والتقاليد ليس كافياً لصناعة مجتمع متماسك سوي، فكم من رجل دبجت به قصائد المديح في المروءة والشهامة وهو «ما يسوى التالية من الغنم» مع أسرته !.