-A +A
محمد أحمد الحساني
لم أزر إدارة حكومية ذات يوم مراجعا في أمر من أموري أو ساعيا لقضاء حاجة إنسان استعان بي في قضاء إحدى حوائجه، إلا وجدت سكرتير أو مدير مكتب مدير الإدارة يبادرني عند السؤال عن مديره بقوله: إنه في اجتماع!

وهذه الجملة العتيدة أسمعها دائما سواء كانت مراجعتي للإدارة في الصباح الباكر أم بعد صلاة الظهر أم قبل الصلاة بساعة حتى خيل لي أن هذه النوعية من المديرين الذين صادفتهم في حياتي لا عمل ولا هم ولا إنجاز لهم سوى عقد الاجتماع تلو الاجتماع، فيا له من جهد مبرور وعمل مشكور وإدارة لن تبور!


وكنت في بداية الأمر أصدق أن أولئك المديرين في اجتماعات لا تنقطع وأتعجب من غرابة الصدفة والمتمثلة في أن زياراتي المتقطعة للإدارات الحكومية تكون جميعها في اللحظة التي يكون فيها جميع المديرين في اجتماع، وربما تطيرت من الأمر واعتبرته شيئا من النحس أو سوء الحظ، ولكن مراجعا ألمعيا نبهني إلى أن ما يقوله سكرتير أو مدير مكتب مدير الإدارة عن انشغاله بالاجتماعات قد لا يصور واقع الحال وإما هي عبارة تصريف متقنة «لِنش» المراجعين عن باب المدير حتى ينتهي من أكل «الفطير» ويتمدد قليلا فوق السرير قبل أن يضع «مداسه» في رجله ويطير!

ولما أفقت من حسن ظني بأولئك الموظفين أصبحت أصر إصرارا وألح إلحاحا على مقابلة المدير الذي جئت لمراجعته طالبا من السكرتير أو مدير المكتب إبلاغه برغبتي في مقابلته، وكنت أنجح في كل مرة ولأسباب تعلمونها - في التشرف! بالمقابلة ولكنني كنت أسأل نفسي وماذا عن المراجعين الضعفاء الذين يدفعون عن الأبواب وأين جهات الرقابة سواءً المشرفة على تلك الإدارات أو المسؤولة عن مراقبة الدوام الرسمي عن هذا «التواري» الذي يمارسه بعض مديري الإدارات بحجة الاجتماعات وأين هي سياسة الأبواب المفتوحة التي صُدِّعت بها رؤوسنا المنفوحة؟!.