-A +A
سعيد السريحي
الحملة التي تطلقها الشؤون الصحية بمحافظة جدة الأسبوع القادم للتوعية بسبل الوقاية من حمى الضنك ذكرتني بتلك الطرفة التي تتحدث عن رجل ضاقت به سبل الرزق في مدينة تشكو من تكاثر البعوض فيها فتفتق ذهنه عن فكرة توفر له الكسب في الوقت الذي تلقى فيه قبولا من الناس، حمل كيسا من الرماد وراح يدور بين المنازل معلنا عن بيع مادة اكتشفها تفتك بالبعوض وتقي الناس شره، راح الناس يشترون منه الرماد ويرشونه في غرفهم وأفنية بيوتهم غير أنهم اكتشفوا أن المادة التي باعها لهم لا تقضي على البعوض ولا تفتك به كما أكد لهم، وشعروا أنه خدعهم فقبضوا عليه، فأكد لهم أن تلك المادة فعالة غير أنهم أخطأوا في طريقة استخدامها، وحينما سألوه عن تلك الطريقة قال لهم إن عليهم أن يمسكوا بالبعوضة ويذروا قليلا من الرماد في أنفها وعندها تموت فورا.

وإذا كنا نثمن للشؤون الصحية ما تهدف إليه من نشر الوعي بمخاطر حمى الضنك وتجنب ما يمكن أن يتسبب فيها ونقدر لها جهدها الذي تبذله في علاج من يصابون بحمى الضنك وقد أصبحوا بالآلاف بعد أن كانوا بالعشرات والمئات، وتحولت حمى الضنك إلى وباء بعد أن كانت مجرد مرض، نثمن للشؤون الصحية كل ذلك، غير أننا نعرف أن الشؤون الصحية تعرف أن القضاء على هذا الوباء لا يمكن أن يتحقق بالحملات التوعوية وبالنصائح والإرشادات مهما كان الناصح مخلصا والمنصوح مستمعا للنصيحة، القضاء على الضنك ليس من مهام الشؤون الصحية بل من مهام الشؤون البلدية التي يتوجب عليها معالجة البيئة الحاضنة لبعوض الضنك، وحسب المار في شوارع جدة وأزقة أحيائها أن يرى المستنقعات التي تتوسط تلك الأحياء وتجري مياهها في الشوارع والأزقة لكي يعرف أنه يمر بمدينة ليس بمستغرب أن تكون موطنا للبعوض ولحمى الضنك ولكثير من الأوبئة والأمراض، تلك المستنقعات لا تجففها النصائح وإنما المشاريع المعطلة في أمانة جدة والتي منها مشاريع قضت نحبها وتم دفنها ومشاريع أخرى لا تزال تنتظر.