-A +A
عبدالرحمن اللاحم
الطبقة الوسطى في كل مجتمع تعتبر هي (رمانة الميزان) التي على أساسها تتحرك الحكومة وتبني برامجها التنموية ومتى ما بدأ التآكل يدب إلى تلك الطبقة ويتساقط أهلها في خانة الفقر فإن هناك مشكلة حقيقية في إدارة البرامج التنموية وتنفيذها، لذا فإن من المهم جدا أن تكون الإصلاحات الاقتصادية ترسم وتنفذ بعناية بحيث لا تنال من الطبقة الوسطى التي عادة ما تشكل السواد الأعظم من الناس، خصوصا في الدول الغنية مثل الدول الخليجية وإذا دب الخلل في رمانة الميزان الاجتماعية فإن ذلك سيحدث خللا في البنية الاجتماعية ليس من السهل تجاوز آثارها التي قد تكون عنيفة ومدمرة.

ليس من أهداف برامج الإصلاح الاقتصادي زيادة أعداد الفقراء والمعوزين والمستحقين للزكاة في المجتمع، بل لابد أن يكون من أول أهدافها خلق حالة من التوازن الاقتصادي الذي يمكن (الناس اللي تحت) من الصعود والنهوض إلى السطح من خلال ابتكار فرص العمل وتشجيع الشباب من الجنسين من خوض غمار الأعمال الخاصة والضرب في مناكب الأرض وتذليل كل الصعوبات البيروقراطية في سبيل ذلك، وهذا هو الطريق الأسلم اجتماعيا لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحالية وتداعياتها دون الاعتماد فقط على حل الضرائب والرسوم التي ستكون عبئا على كاهل البسطاء من الناس وستشل حركتهم وسيغرق معظمهم في واد سحيق من العوز والحاجة، وسيفاقم الأمر سوءا؛ ما يتم تداوله من رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية والذي سيكون خطوة بالغة الخطورة لابد من التعاطي معها بكل حذر لأن ذلك يعني الضغط على أهم شريحة اجتماعية وهي الطبقة الوسطى التي دائما ما نصفها بالناس (المستورة) حيث تعيش بمرتباتها الذي بالكاد يصمد حتى آخر الشهر ومعظمهم في منازل مؤجرة يطالعون كل يوم التصريحات الجديدة لوزير الإسكان ويلهثون خلف سراب الوعود التي لا تتوقف.


من المهم أن يكون المُخَطِط لأي برنامج تقشفي قادرا على تلمس حياة الناس البسيطة وكيف أن قرارا قد يعده بسيطا قد يدمر أسرة وأن شد الحزام بقوة وصلابة قد يمزق أمعاء مواطن بسيط عاش حياته باحثا عن الستر له ولأطفاله.