الكتابةُ فعلٌ لا إرادي؛ يمارسه الإنسانُ كلَّ يومٍ وكلَّ حين، يكتب دون أن يشعر بثقله، كما يتنفس.. حتى الجُمل لها شهيقٌ وزفير، ولا ينقطع المرء عن الكتابة إلا بانقطاع نفسه.


وأنا امرؤٌ — على قول المتنبي —:


ما لاحَ بَرقٌ أو تَرنَّمَ طائرٌ


إلّا انثنيتُ ولي فؤادٌ شَيِّقُ


فؤادٌ يجد في الكتابة حياةً لا تُستبدل.


أعود اليوم إلى نفسي.. إلى كتابة المقال.. والعودةُ أمرٌ، والعودة عبر «عكاظ» أمرٌ آخر تماماً.


«عكاظ» العريقة، العتيقة، الصامدة بشموخ، التي ما زادتها الرياح العاتية إلا ثباتاً فوق ثبات، وحضوراً.. وأيُّ حضور وعلى رأس هذا المجد يقف قائد العراقة الأستاذ جميل الذيابي..!


أعود إليها،


وما أحلى الرجوع إليها.


وكما أعود أنا إلى الكتابة، يعود «الأخضر» إلى مكانه الطبيعي.. تحت الضوء؛ فهو سيّدُ ساداته.


يروق لي هذا الزخمُ الذي يحظى به المنتخب السعودي، ذلك الزخم الذي ما إن تعود المنافسات المحلية حتى يُنسى.. يُنسى كأنه لم يكُن. ردّ العقيدي، ورحيل رينارد إلى أمريكا، وانتصاران في قطر، وضمانٌ للتأهل إلى الدور القادم من كأس العرب، ثم قرعةٌ في أمريكا وضعته في مجموعةٍ حديديةٍ يطول الحديث عن حظوظه في النجاة منها. من هذا الضوء يتنفس «الأخضر»، ويستعيد بريقه الذي يستحقّه.. ولا يستحقّه سواه.


كأس العرب يجب أن تكون أحد أهم مستهدفات رينارد، الذي أغراه- للأسف- بريقُ كأس العالم مبكراً، فترك الدوحة في ليلة جزر القمر.. تلك الليلة التي أنقذه فيها سالم ورفاقه.


لا أذكر حقّاً آخر بطولةٍ حققها منتخبنا، لكن ما أنا متأكدٌ منه أن طريق التأهل إلى الدور الثاني من كأس العالم يبدأ من منصة كأس العرب. نعم.. الفوزُ ثقافة، والبطولاتُ فلسفتها، والذهبُ أبلغ المتحدثين باسمها. المنصات تبني الثقة، وتمتد منها جسورُ الرضا بين الجميع: لاعبين، وإدارة فنية، واتحاد كرة، وجمهور.


وعلى النقيض، المشاركة لمجرد المشاركة، والتنقل من مطارٍ إلى آخر دون إنجازٍ يليق بعظمة هذا الوطن.. تخلق ثورةً من الشك.


يحتفظ المنتخب السعودي بهيبته، وحضوره، وسطوته. هذه الشخصية ما تزال حاضرة: تراها في أعين منافسيه، في استوديوهات التحليل، في العناوين الصحفية. هذا الامتياز الذي يتفوق به الصقور الخُضر يجب تعزيزه؛ ابتداءً من لاعبيه، وانتهاءً بمشجعيه، الذين يجب أن يصابوا بعمى ألوان أمامه.. حتى آخر يومٍ في البطولة.


اليوم الذي ستصوغ فيه «عكاظ» _بإذن الله_ عنواناً مختلفاً، مفاده:


المنتخب السعودي.. بطل العرب!


خاتمة:


«بين عينه والمها نسَب»


شوقي