وأخيراً تنبع رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في تغيير النظام في فنزويلا من مجموعة معقدة من المصالح والأسباب، تراوح بين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية، والخلافات الأيديولوجية، والمخاوف الأمنية.

وهنا من المهم إبراز النقاط التي تفسر هذا التوجه:

المصالح الجيوسياسية والاقتصادية

النفط والاحتياطي العالمي: تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم. تسعى الولايات المتحدة للسيطرة على هذا المورد الاستراتيجي أو ضمان وصوله إلى الأسواق العالمية بشروط مواتية لها، وتغيير النظام إلى حكومة صديقة يضمن هذه السيطرة.

عزل النفوذ الروسي والصيني: ينظر نظام نيكولاس مادورو إلى روسيا والصين كحليفين استراتيجيين، وقد عزّز من شراكاته الاقتصادية والعسكرية معهما. تعتبر واشنطن فنزويلا «ساحة أمامية» في حرب النفوذ العالمية، وتهدف إلى إخراج هذا النفوذ المناهض لها من أمريكا اللاتينية (التي تعتبرها الولايات المتحدة «حديقتها الخلفية»).

إعادة إحياء الهيمنة الإقليمية: يسعى تغيير النظام إلى إعادة إحياء مشروع «الشرطي الإقليمي» للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية وتقليم أظافر الحكومات اليسارية المستقلة.

الخلاف الأيديولوجي والسياسي

النظام المناهض للولايات المتحدة: منذ عهد الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز، تبنّى النظام في فنزويلا خطاباً وسياسات يسارية معادية للولايات المتحدة، وناضل من أجل الاستقلال والتحرر بعيداً عن الأطماع الأمريكية والأوروبية.

دعم المعارضة: تعترف واشنطن بزعيم المعارضة، مثل إدموندو غونزاليس أوروتيا (أو خوان غوايدو سابقاً)، رئيساً شرعياً، وتسعى لتنصيب حكومة تتماشى مع مصالحها، مدعومة بمبررات تتعلق بـ«الانتخابات المتنازع عليها».

وهناك أيضاً المخاوف الأمنية والإنسانية أو ما يمكن إطلاق عليه وصف المبررات المعلنة وأهمها، أزمة اللاجئين والهجرة: أدى الانهيار الاقتصادي الحاد والأزمة السياسية في فنزويلا إلى هجرة الملايين من الفنزويليين، مما تسبّب في أزمة لاجئين إقليمية لها تداعيات محتملة على الدول المجاورة، بما فيها الولايات المتحدة.

تهريب المخدرات والإرهاب: تتهم الإدارات الأمريكية نظام مادورو بالتورط في تهريب المخدرات، بما في ذلك تصنيف مادورو وحلفائه أعضاءً في «منظمة إرهابية أجنبية» أو «كارتيل» مما يبرر العمليات العسكرية أو الأمنية ضدها.

الوضع الداخلي: تبرر الولايات المتحدة سياساتها أيضاً بالعقوبات والضغط على النظام بسبب ما تصفه بانتهاكات حقوق الإنسان وفساد الحكومة والانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد.

باختصار: تتمركز الأسباب الأساسية حول السيطرة على الاحتياطيات النفطية، وتقويض النفوذ الروسي والصيني، وتركيب نظام صديق لضمان مصالحها في المنطقة.

كل هذه الأسباب هي كشف عام لأهمية فنزويلا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لكن حقيقة الأمر يبقى احتياطي نفط فنزويلا وهو الأكبر عالمياً هو العامل الأكثر إغراءً بالنسبة لأمريكا لعلم ساستها أن النفط سيبقى عاملاً مؤثراً حتى مع هيمنة الاقتصاد الجديد المعتمد على الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة؛ لانهما يستهلكان طاقة هائلة تعتمد على مشتقات النفط.