ألا يستحق نادي الوحدة بمكة المكرمة أن يُعامَل بعد هبوطه إلى دوري الدرجة الأولى كما عومل النادي الأهلي حين هبط قبل موسمين إلى دوري «يلو»؟

أليس من حق هذا النادي العريق أن يحظى بالدعم نفسه الذي ساهم في إعادة الأهلي إلى موقعه الطبيعي بين الكبار، بعد موسم واحد فقط من الهبوط؟

- يبدو أن المشهد مختلف تماماً بين الراقي وفرسان مكة، بل وسائر الأندية السعودية التي واجهت المصير ذاته في مواسم سابقة، فحالة الأهلي كانت «استثنائية» بكل المقاييس والمعايير، ولا يمكن المقارنة بها أو المطالبة بالمعاملة بالمثل؛ لأن ما حدث معه كان خارج القواعد والمنطق، بل كان تجاوباً سريعاً وواسعاً لم يحظَ به غيره.

- من وجهة نظري، كان هبوط الأهلي جريمة في حق كل الأهلاويين- من أعضاء شرف، ومنسوبين، وجماهير، وإعلام- وكل من تسبّب في هذا السقوط من أبناء النادي أنفسهم، لكن ما حدث بعد ذلك كان بمثابة نقطة تحوّل كبرى؛ إذ انبرى رجال مخلصون غيورون على ناديهم لانتشاله من أزمته، ووجدوا دعماً من جهات رسمية وجماهيرية، فاستعاد الأهلي مكانته، وأصبح الهبوط «نعمة» لا «نكسة».

- لقد توحّدت الصفوف، واستيقظت الجماهير من سباتها، وتجاوزت الانتماء للأشخاص إلى الانتماء للكيان، بعدما شعرت بالخطر إن تخلّت عن ناديها، فكان صوتها قويّاً ومؤثراً، بل تفوق على صوت إعلام النادي الذي كان «لا يهش ولا ينش».

- هذا الالتفاف الجماهيري أحدث ضغطاً إيجابيّاً هائلاً على الإدارة، فاستقطب الأهلي لاعبين محليين وأجانب على مستوى عالٍ، وأعاد ترتيب بيته الداخلي، ليعود سريعاً إلى مكانه الطبيعي بعد «مصعة أذن» مؤلمة، لكنها كانت مليئة بالدروس والمكاسب التي لم تتحقق منذ تأسيسه.

- أما نادي الوحدة، فالوضع مختلف تماماً، الذي ذاق مرارة الهبوط أكثر من مرة، لكنه لم يجد الغيرة نفسها من محبيه، ولا الحراك الشرفي الذي يستشعر الخطر ويهبّ لإنقاذ النادي. لم نشهد اجتماعات أو مبادرات أو مواقف تضامنية من رجالاته المعروفين الذين كانت لهم بصمات في مسيرته، مثل: جمال تونسي وإخوانه، محمد الطيب، عبدالمعطي كعكي، علي داود، دخيل الأحمدي، جميل الفارسي، ونجوم النادي القدامى أمثال حاتم خيمي وعبدالله خوقير وحامد سبحي وغيرهم، حتى لم نرَ حضوراً فعليّاً منهم في المواجهات المصيرية، أو التفافاً يليق بتاريخ هذا النادي العريق، وكأن الجميع تركوه يصارع وحده من أجل البقاء.

- ومن خلال هذه المواقف، يمكننا إدراك الفارق الكبير بين من يملك الغيرة والانتماء الحقيقي، وبين من يتعامل ببرود ولا مبالاة؛ ولذلك، ليس مستغرباً أن يبدأ الوحدة موسمه الجديد بثلاث هزائم متتالية، متذيّلاً ترتيب دوري الدرجة الأولى، ومهدداً- لا قدر الله- بالهبوط إلى الدرجة الثانية إن استمر هذا الإهمال واللامبالاة.

- في الختام، لا أملك إلا أن أقول: عظّم الله أجركم في نادي الوحدة، فهو الآن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ينازع الموت، بعدما خذله محبوه، وتخلّى عنه أبناء مكة قبل غيرهم، وحسبي الله على من كان السبب.