-A +A
حمود أبو طالب
يوم الجمعة الماضي 4 أغسطس حلت الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت الذي وصف بأكبر انفجار منذ انفجارات هيروشيما، وكما هو معتاد في لبنان تم تمييع الكارثة وترك الجناة يتمتعون بحريتهم لتدبير مزيد من الكوارث، كل الذي جرى في ذكرى الحادثة مظاهرة لأهالي الضحايا ووقفة صمت لبعض المسؤولين.

وفي نفس التوقيت أطلق وزير الاقتصاد اللبناني تصريحاً يعدّ من أغرب وأعجب التصريحات، يضاف إلى المهازل التي تحدث في لبنان، عندما طالب الكويت بإعادة بناء صوامع الحبوب لأنه تأكد أنها تملك المال الكافي في صندوق التنمية بعد استفساره من وزارة الخارجية، والأمر لا يتطلب سوى «شخطة قلم» من مسؤولي الكويت. وفي نفس السياق كان حسن نصر الله قد ظهر قبل هذا الوزير بكل بجاحة يتساءل مستغرباً ما الذي يمنع العرب من مساعدة لبنان، وكأن حزبه محرك التنمية والتطور والازدهار وليس الخراب والدمار.


ولكي تكتمل صورة ما يحدث، فقد غادر حاكم مصرف لبنان موقعه بصورة هزلية تعكس الخصوصية اللبنانية، فبعد انهيار الليرة إلى أدنى مستوى في تأريخها، واحتجاز أموال المودعين البسطاء، وغسل الأموال، وتهم التلاعب والاحتيال والتضليل والكسب غير المشروع الموجهة ضده دولياً، بعد كل ذلك تم توديعه على بوابة المصرف باحتفالية كبيرة، وكأنه أحد الزعماء التأريخيين.

هذا هو لبنان الآن، البلد الذي كان يصعب العثور على مقعد في طائرة متجهة إليه أو غرفة فندقية فيه خلال هذا الموسم بالذات. الدول تطالب رعاياها القليلين بمغادرته، ومسؤولوه يخاطبون الدول بأبعد ما يكون عن لغة الدبلوماسية، يطالبون بالمساعدات كي تذهب إلى أرصدتهم بينما الشعب يعيش أسوأ الأحوال. لبنان كان نموذج الإدارة الرشيدة عندما كانت تحكمه وتدير شؤونه شخصيات وطنية نزيهة وخبيرة ومحترمة وأمينة على مقدراته، لكنه للأسف أصبح رهينة حكم مليشيات ومافيا وعصابات وسماسرة وبلطجية يريدون مزيداً من الثراء باستغلال أوضاعه السيئة التي أوصلوه إليها.

المساعدات لا تأتي بشخطة قلم كما يتصور وزير زمانه وعصره وأوانه، ولن تأتي طالما يدير لبنان هذا الصنف من المسؤولين. أنقذوا لبنان منكم أولاً كي يساعده الآخرون.