-A +A
منى العتيبي
قرأت تقريرًا عن التطلعات الاستثمارية في مجال القهوة السعودية ومستقبلها الاقتصادي، خاصة أن المملكة السعودية تعدّ من أكثر 10 دول حول العالم استهلاكًا للبن بما يتجاوز 80 ألف طن سنويًا؛ لارتفاع معدل استهلاك الفرد للقهوة؛ حيث تقدر الكميات المستوردة للأسواق السعودية من البن ما بين 70 – 90 ألف طن سنويًا، ويبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال، وهذا الأمر يستدعي مضاعفة العمل والتوسع في زراعة البن، وهو ما تعمل عليه وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الناتج المحلي مستقبلًا، ورفع الناتج المحلي غير النفطي.

أيضاً يؤكد التقرير بأن وزارة الزراعة تتجه إلى إنتاج محصول البن في المدرجات الزراعية عبر إنشاء 60 مزرعة نموذجية للبن؛ لتعزيز الأمن الغذائي في المناطق الريفية، وزيادة الإنتاج الزراعي، والاستفادة من مصادر المياه المتجددة، لتحقيق أفضل عوائد ربحية للمزارعين.


هذه الأرقام تشير إلى النمو الاقتصادي والاستثماري للبن السعودي؛ لذلك مع العمل الجميل الذي تقوم به وزارة الزراعة من الضروري أن يكون هناك عمل تسويقي مصاحب لعملية تطوير قطاع البن في المملكة؛ ولأن للبن السعودي مكانة تاريخية وحضوراً في مجالس ونفوس الناس سيكون الأمر له قبولًا وانتشارًا واسعًا.. فمثلا أغلب أنواع القهوة الحديثة انتشرت عبر «فن التسويق» سواء في القصائد والأغاني والأفلام وكذلك في اللقطات التصويرية الاحترافية على منصات التواصل الاجتماعي.. فلماذا لايكون الحال مع القهوة السعودية؟

كما أرى من المهم جدًا تطوير البن السعودي وتسويقه ليكون حاضرًا في المقاهي العالمية وكذلك المدن العالمية بالخارج.. فلماذا لا يكون هناك ستاربكس القهوة السعودية بنكهة البن السعودي مثلًا؟

وطالما أن القهوة السعودية تشتهر بأن لها نكهتها وطابعها ومذاقها ومكوناتها الخاصة في كل منطقة من مناطق المملكة؛ لماذا لايكون هناك عمل تسويقي خاص للبن السعودي من خلال التسويق لأنواع القهوة السعودية؟ خاصة أن وزارة البيئة والمياه والزراعة أنشأت وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان، بهدف القرب من مُزارعي البن والوقوف على أبرز معوقات زراعته، وتقديم الحلول والمعلومات المتكاملة لتطوير المنتج، من خلال عقد ندوات علمية يتم التعريف بكيفية زراعة البن وضرورة توفير المياه والسماد والمكان الملائم لينتج بجودة عالية، كما تم توقيع اتفاقية بين المملكة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) 2018م للمساعدة التقنية مستردة التكاليف لتحسين سلالة البن.

ومن جانب آخر أكد التقرير وبحسب الدراسات الحديثة، أن السعودية تشهد نموًا سنويًا لاستهلاك القهوة بنحو 4% للفترة بين عامي 2016 – 2021م، وتشير تلك الدراسات إلى أنه من المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 5% خلال السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بنهاية عام 2026، مما يتيح ويخلق فرصًا استثمارية جاذبة بالقطاع؛ لهذا ينبغي أن نفكر ونخطط جيدًا لصناعة مشاريع اقتصادية مؤكدة بالنجاح لاقتناص هذه الفرصة في مجال القهوة السعودية، وينبغي أيضاً أن نبدأ في إعداد السوق الاستثماري داخليا وخارجيا للقهوة السعودية.

ختامًا.. أغلب أنواع البن العالمي لم يكن معروفاً إلا عند «أهل الكيف»، ومؤخرًا صار البن بأنواعه يغزو المقاهي وهذا هو الذكاء الاستثماري الذي ننتظره مع معشوقتنا الشقراء «البن السعودي» أو كما يُطلق عليه «الذهب الأخضر» الذي جعل الشاعر خلف بن هذال يهذي به قائلًا:

‏سوولي الكيف وارهو لي من الدله

‏البن الأشقر يداوي الراس فنجالـه

‏كيف لنا نحرقـه بالنـار وانزلـه

‏واليا انقطع لو ورى صنعاء عنيناله