-A +A
أحمد الجميعة
المواقف الإنسانية للدول تعكس حجم تأثيرها، ومستوى حضورها، وثقة العالم فيها، وتكسب في التفاصيل رصيداً من الصورة الإيجابية عنها، والقوة الناعمة في محيطها، كما تعزز من مستوى النضج والوعي المجتمعي، وتكتسب هذه المواقف مشروعية الاستمرار في التعاطي مع الأحداث والأزمات بذات الأولوية لخدمة الإنسانية.

نحن في المملكة إضافة إلى كل ذلك؛ لدينا جانبان مهمان في التعاطي مع القضايا الإنسانية؛ الأول أنه لا يوجد أي اعتبار للدين أو العرق أو اللون في الوقوف مع المحتاجين والمتضررين في جميع أنحاء العالم، وبمختلف الأزمات والمحن، والثاني الاستجابة السريعة بين نداء الحكومة وتفاعل المواطنين مع أي طلب للتخفيف عن متضررين أو تقديم مساعدات لمحتاجين، وهذه الحالة المتكررة منذ عقود تعكس قيم المجتمع وثقافته، وتراهن على وعيه ومواقفه، كما تكشف عن حجم الثقة، وتقدير المسؤولية، والمشاركة بروح إنسانية ووطنية خالصة.


توجيه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بتسيير جسر جوي وإطلاق حملة شعبية لمتضرري الزلزال المدمر على الشعبين الشقيقين السوري والتركي؛ يثبت هذين الجانبين، من خلال تعزيز الدور الإنساني الرائد للمملكة حكومة وشعباً كواحدة من أكبر الدول إسهاماً في تقديم الدعم وإغاثة البشرية في النوازل والكوارث، وتأكيداً على رسالة المملكة في قيادة العالم الإسلامي، ووقوقها الداعم للشعوب العربية والإسلامية، وكل ذلك دون اعتبار للدين أو العرق أو اللون، كما أن هذا التوجيه الكريم كان معه المواطنون يتسابقون في منصة ساهم لتقديم العون والمساندة، ويستشعرون دورهم مع قيادتهم في التخفيف من آثار الزلزال في سورية وتركيا، وتقديرهم لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في إيصال تبرعاتهم ومساعداتهم رغم كل التحديات والظروف.

لقد أصبح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بعد أكثر من 8 سنوات على تأسيسه؛ واجهة عالمية في التعبير عن ثقافة المجتمع السعودي المحب للخير والسلام، ومساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وتعزيز مكانة المملكة الريادية في العمل الإنساني، حيث يمثّل المركز وجهود العاملين فيه وعلى رأسهم معالي المستشار والمشرف العام على المركز الدكتور عبدالله الربيعة؛ أيقونة خاصة في بذل العطاء، وتحدي الوقت والجهد والخوف للوصول إلى كل محتاج.

المركز اليوم ليس فقط في ميدان العمليات لتقديم المساعدات، ولكنه أيضاً في منصات البحث والتطوير والتقييم؛ بحثاً عن الأفضل، حيث ينطلق يوم الاثنين المقبل منتدى الرياض الدولي الإنساني وعلى مدى يومين؛ لمناقشة الحلول المبتكرة للتحديات الإنسانية، وتعزيز دور البحث العلمي في العمل الإنساني لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقديم أفضل الممارسات العالمية في الاستجابة لنداءات الاستغاثة، وهذا الجانب الآخر لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يمنحنا المزيد من الثقة والتفاؤل بأن من يعمل في هذا المركز ينظرون إلى المستقبل، وينشدون الأفضل، ويبحثون عن تجارب الآخرين المميزة ليس فقط لتحقيقها، ولكن لإضفاء الحس الإنساني السعودي عليها.