-A +A
علي محمد الحازمي
منذ أن أُقِرَّ مشروع اللائحة التنظيمية لإنشاء فروع للجامعات الأجنبية في المملكة ونحن على موعد بتحولات طال انتظارها في بيئة التعليم العالي. التعليم ليس مستثنى من التحولات التي تعيشها المملكة على كافة الأصعدة، بل إنه يعتبر حجر الأساس والركيزة التي تستند عليها رؤية المملكة 2030. لا أحد يستطيع تجاهل واقع الانفتاح والثورة التكنولوجية العالمية التي تستوجب الالتفات لها وتبنيها. هذا الأمر يتطلب من جامعاتنا ومعاهدنا تحديد آليات التعامل مع تلك التحولات من خلال رؤية جديدة تتوافق مع المتغيرات العالمية والدور المتوقع منهم.

السماح للجامعات الأجنبية بفتح فروع لها في المملكة العربية السعودية سيحقق نقلة نوعية في مسار التعليم العالي، وذلك من خلال المساهمة في تطوير العملية التعليمية والبحثية ورفع كفاءة الإنفاق وتطوير الموارد المالية للجامعات والقدرات البشرية بما يتماشى مع رؤيتنا العظيمة. ومن انعكاسات هذا التوجه المساعدة في وضع معيار تنافسي للجامعات المحلية، مما سيزيد من التنافسية في رفع كفاءة نظام التعليم الجامعي للوصول إلى مستوى تعليمي أكاديمي عالمي.


وجود جامعات أجنبية داخل المملكة سيفتح الباب لدخول العديد من الطلاب الأجانب، وهذا يعني خلق تنوع ثقافي داخل المملكة، هذا بدوره سيخلق تجارب وتوليد أفكار جديدة. احتكاك الجامعات السعودية بالجامعات الأجنبية سيقود إلى محاكاة الجامعات السعودية للجامعات الأجنبية مما يساعد على رفع جودة نتائج ومخرجات التعلم. سيساهم أيضاً في توفير العديد من الخيارات للطلاب الذين لا يرغبون في السفر إلى الخارج أو الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفه. وهنا لا بد من بيان أن هذا التوجه سيحد من هجرة العقول البشرية الماهرة وسيعمل على توطينها داخلياً. هذه الخطوة ستحث الجامعات السعودية إلى رفع مستوى تطوير الحوكمة والمواءمة بين مخرجاتها واحتياجات سوق العمل وإلا إنها ستخسر في هذه المنافسة.

اليوم ومع توجهات المملكة في الجانب البحثي والابتكاري والتطويري ممثلة في وجود هيئة لتنمية البحث والتطوير والابتكار يستوجب على وزارة التعليم النظر بعناية عند اختيار الجامعات العالمية التي نود استقطابها والتركيز على الكيف لا الكم. اختيار تلك الجامعات يجب أن يكون مبنياً على أساس النوعية في التخصصات وجودة تلك الجامعات في الجانب البحثي والتطويري.