-A +A
بدر بن سعود
تشير الدراسات النفسية إلى أن الشخص يرتكب خطأين أو زلتي لسان في كل ألف كلمة، وإذا كان الحوار العادي يبلغ متوسط كلماته 150، فإن فلتات اللسان متوقعة بمعدل زلة أو هفوة لكل سبع دقائق في الحوار المتواصل، والمعدل اليومي لهفوات الأشخاص، في حدها الأدنى، تصل إلى 23 في اليوم الواحد، ويكون بعضها متعمداً ومقصوداً للإساءة، والبعض الآخر يأتي بدون ترتيب، ولكنها في الحالتين تكشف حقيقة صاحب الزلة، وتفضح ما يدور في تفكيره اللاواعي، والسقطات الكلامية لا تظهر بالتأكيد إلا في الكلمات العفوية، مقارنة بالمكتوبة والمجهزة أو كلمات (الأوتوكيو)، ولو أنها محتملة نسبياً لكليهما.

اللسان ليس له عظام ولكنه يكسر العظام وأصحابها، مثلما يقولون، ومن ضحاياه ابن المقفع صاحب الأدبين الكبير والصغير، والشاعر بشار بن برد الذي لم تنفعه شاعريته في إخراجه من ورطته، ومعهما وزير عدل عربي سابق تمت إقالته، بعد قوله بعدم صلاحية ابن عامل النظافة لأن يكون قاضياً، وأنه سيسجن حتى الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) إذا ثبت فساده، بالإضافة لوزير العدل الياباني المقال، مؤخراً، نتيجة لفلتات لسانه في اجتماع حزبي، ووصفه لوظيفته بأنها غير مهمة، وأنه لا يظهر في عناوين الأخبار إلا عند التصديق على تنفيذ أحكام الإعدام.


زلات اللسان تخرج على الأغلب في حالات الغضب والارتباك والضغط النفسي، أو عند تعاطي الكحوليات والمخدرات بأنواعها، أو عن طريق المزاح ونكات ظاهرها أبيض ودواخلها سوداء، وأستعين بأبي الفيزياء ألبرت أينشتاين، لأعلمن الفكرة، فالفيزيائي الأشهر قال إن في كلام المزاح الكثير من الحقائق، وفي عالم الإعلام هناك خطابان باستمرار، الأول خلف الميكرفونات والثاني داخل الغرف المغلقة.

نشرت هذه الصحيفة، قبل أيام، حكماً صدر بحق مطربة أفراح، وذلك بعد إدانتها في التورط بنشر مقاطع احتوت على ألفاظ عنصرية، على منصة سناب شات، وكان كلامها الملغوم والمتفلت موجهاً لمؤثرة ثانية من زميلاتها، وقد غرمتها المحكمة وأوقفت حفلاتها لثلاثين يوماً وأخذت عليها تعهداً، وكل هذا حصل والقضية بين شخصين ومحدودة في تفاصيلها وأشخاصها، فما الذي يمكن أن يحدث إذا اتسعت الدائرة.

أقول هذا لأنه وقع بالفعل، فقد قامت مؤثرة ثالثة بالإساءة لقبيلة كاملة، مع أنها لا تقل في احترامها وقدرها عن بقية القبائل في المملكة، ونسبت إليها نوعاً من أنواع الزواجات، بافتراض أنه ينطوي على إهانة أو انتقاص، ونسيت أن كثيرات يتزوجن بهذه الطريقة طلباً للعفة ولظروفهن وبعلم أسرهن، وأنه لا يختص بفئة معينة على وجه التحديد، حسب معايير صاحبة الإساءة، والتي اعتبرتها زلة لسان. وفي رأيي، ما فعلته لا يكفي معه الاعتذار، والأنسب إخضاعها لعقوبة تأديبية، لكي لا يستسهل غيرها ما قامت به، خصوصاً وأنه ثاني تجاوز يسجل عليها، وقد سبق وأن غُرمت في الأول.