-A +A
علي محمد الحازمي
أوروبا تتلقى الضربة تلو الأخرى، وخاصة من أقرب الحلفاء لها وهي الولايات المتحدة الأمريكية. كان آخر تلك الخيبات قيام حكومة بايدن بسن قانون التضخم الضريبي الذي يمنح الشركات الأمريكية التي تعمل في مجال الطاقة المتجددة ميزات وإعفاءات ضريبية. الأوروبيون متذمرون من انعكاسات هذا القرار على صناعتهم، وذلك من خلال تحريض رؤوس الأموال والشركات الأوروبية على الهجرة عبر الأطلسي. الأوروبيون لديهم تجربة مؤلمة بهذا الخصوص وذلك عندما قامت البرازيل في وقت سابق بتشريع قانون مماثل لقانون التضخم الضريبي الأمريكي لتحفيز صناعة السيارات لديها ومن انعكاسات ذلك القانون قيام شركة جاكور ولاندروفر ومرسيدس وبي أم دبليو ببناء مصانع جديدة في البرازيل للوصول إلى تلك المزايا.

منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وكبار القادة الأوروبيون غاضبون من إدارة جو بايدن ويتهمون الأمريكيين بالتربح وجني ثروات من هذه الحرب، بينما تعاني دول الاتحاد الأوروبي. من يراقب المشهد العالمي عن كثب يتضح له أن الولايات المتحدة لا تأخذها «إلاً ولا ذمة» في التربح من الأزمة الروسية الأوكرانية حتى وإن كان ذلك على حساب أقرب حلفائها، ابتداء من بيعها للمزيد من الغاز والأسلحة بأسعار مرتفعة، مروراً بتشريع قانون التضخم الضريبي الذي من الممكن أن يقود إلى تدمير الصناعة الأوروبية.


ثلاثة خيارات مطروحة على طاولة الأوروبيين بشأن قانون التضخم الضريبي الأمريكي؛ إما تقديم شكوى لمنظمة التجارة العالمية لأن هذا القرار بحسب وجهة نظر الأوروبيين يضر بمبادئ التجارة الحرة ويندرج تحت الحمائية وربما تنجح هذه الشكوى أسوة بإدانة منظمة التجارة العالمية للبرازيل في وقت سابق عندما قامت بنفس الممارسات، الخيار الآخر استجداء الأوروبيين للرئيس الأمريكي بإلغاء هذا القانون من منطلق الصداقة والتحالف الدائم، وهذا أمر مستبعد لأن أمريكا تؤمن بأن مصالحها أولاً وأخيراً، الخيار الأخير قيام الاتحاد الأوروبي بخطوة مماثلة لقانون التضخم الضريبي الأمريكي وذلك بتقديم إعفاءات ضريبية لكل الشركات الأوروبية العاملة في مجال الطاقة المتجددة، ولكن هذا الأمر يعد صعباً على الأقل في الوقت الراهن بالنسبة للقارة العجوز وذلك نظراً للأزمات المالية والاقتصادية والجيوسياسية التي تعيشها، فهي بحاجة للكثير من الموارد المالية للخروج من براثن تلك الأزمات ولعل أوروبا ما زالت تتذكر سقوط ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية السابقة عندما تهوّرت بخطوة مماثلة.