-A +A
رامي الخليفة العلي
منذ اندلاع الصراع في أوكرانيا اتخذت معظم البلاد العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية موقفاً واضحاً بلسان حال يقول «هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل»، فكان موقفها واضحاً باتخاذ الحياد سبيلاً، ولكنه حياد إيجابي بنى جسور التواصل مع كافة الأطراف الفاعلة على المستوى الدولي، وسعى بكل ما يملك إلى إيقاف هذا الصراع والوصول إلى تسوية سلمية والتخفيف قدر الإمكان من الآثار السلبية التي طالت الاقتصاد العالمي وبلاداً كثيرة حتى أن بعضها مهدد بالمجاعة. هذه السياسة المتوازنة سمحت للأمير محمد بن سلمان بما يحمله من مكانة بأن يلعب دوراً بالإفراج عن أسرى حرب منهم أمريكيون. في أحدث فصول هذه الحرب كان إعلان أوكرانيا ودوائر غربية أن الجانب الروسي استخدم أسلحة إيرانية؛ وعلى رأسها مسيرات من طراز (شاهد 136) التي كانت السلاح الأرخص الذي استخدمته القوات الروسية لاستهداف محطات إنتاج الكهرباء وخزانات الوقود. الجانب الروسي لم يعلق على الإعلان الأوكراني بأن الطائرات المسيرة المستخدمة في المعركة هي من إنتاج إيراني؛ لأنه يعتبر أن هذه معركة جيوستراتيجية على غاية من الأهمية بالنسبة له وسوف تستخدم روسيا كل ما في جعبتها حتى تحقق النصر حتى لو كانت أسلحة إيرانية، خصوصاً مع الدعم الغربي غير المحدود للجانب الأوكراني. أما إيران فعمدت في البداية إلى نفي هذه الاتهامات الأوكرانية، ولكنها بعد أن أيقنت أن كذبها لم يعد ينطلي على أحد اعترف وزير خارجيتها أن طهران صدرت هذه المسيرات قبل اندلاع الحرب وبأعداد محدودة كما زعم، وبأن إيران ستكون لها ردة فعل في حال ثبوت استخدام موسكو لهذه المسيرات. من الواضح بأن تهديد إيران بردة فعل حول الاستخدام الروسي هو تهديد أجوف ولا قيمة له. إيران على علم كامل باستخدام مسيراتها لأن عملية بيع وشراء السلاح بين الدول يتم وفق بروتكول وشروط معينة، وبالتالي إيران تعلم بأن روسيا سوف تستخدم هذه السلاح، ثم إن الأعداد ليست محدودة، كما زعم الوزير الإيراني، لأن استخدام هذه المسيرات يفترض أنها تكون بأعداد كبيرة ومن مناطق متعددة حتى تتغلب على الدفاعات الجوية. هذا يعني أن إيران منخرطة في هذا الصراع بشكل غير مباشر وهذا ما أشارت إليه عدد من الدول الغربية، بل وعمدت إلى فرض عقوبات على شركات وأفراد إيرانيين.

بغض النظر عن تفاصيل الحرب الروسية في أوكرانيا، وبغض النظر عن موقفنا منها، فقد تحقق ما حذرت منه الدول العربية عندما قامت مليشيات الحوثي الإرهابية باستخدام تلك المسيرات في استهداف الأعيان المدنية في المملكة وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أوضحت الدول العربية أن إيران وتصدير صواريخها البالستية ومسيراتها إلى جماعات إرهابية هو بداية للتهديد ليس لدول المنطقة، ولكن للأمن والسلم الدوليين، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك. ولكن الغرب أصم أذنيه عن تلك التحذيرات كما العادة واعتبر أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط يحدث خلف الجدار والدول الغربية ليست معنية به، ولكن ها هي التحذيرات تتحقق والأسلحة الإيرانية تصل إلى حديقة أوروبا الخلفية، فأرونا ماذا أنتم فاعلون.