-A +A
محمد مفتي
لا يمكن بحال من الأحوال إنكار الجهود الحثيثة التي تقوم بها الدولة في مجالي مكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد، فالمسيرة الإصلاحية التي تم انتهاجها والتي تبناها الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي العهد، أخذت على عاتقها العديد من المهام لتحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع نزيه وشفاف، حيث يتعامل الجميع بعدالة ومساواة دونما انحياز، فاجتثاث الإرهاب والفساد والحد منهما هو عماد منظومة التنمية في أي دولة، وقد أصبح المواطن الآن قادراً على رصد أي محاولات إرهابية والإبلاغ عنها، وكذلك غدا باستطاعته تتبع قضايا الفساد والإبلاغ عنها للجهات المعنية أيضاً، والمتتبع للنشرات التي تقدمها نزاهة بصفة دورية يدرك مدى التعاون البناء بين المواطن والهيئة في الحد من ظاهرة الفساد.

تشهد الأجهزة الأمنية وهيئة مكافحة الفساد نشاطاً متزايداً نتيجة الوعي والإدراك المتنامي والثقة القوية التي أصبح يحملها كل مواطن تجاه حكومة بلده، والتي تضع أمنه واستقراره ورفاهيته كأول اهتماماتها، غير أن الضربات الموجعة التي يتلقاها الإرهابيون والمنخرطون في قضايا الفساد تشهد في المقابل حرباً إعلامية شرسة من قبل بعض المنابر المشبوهة التي تحاول تشويه الجهود التي تبذلها الدولة للقضاء على ظاهرتي الإرهاب والفساد، فهم يسوقون مبررات وهمية كاذبة عند نجاح كل عملية تقوم بها الدولة، من خلال التدليس ونشر الأكاذيب وإعطاء تفسيرات مجافية للحقائق، وهو ما يظهر جلياً من خلال بعض الردود والتعليقات والقصص الكاذبة الهادفة لتشويه صورة الأجهزة التي أخذت على عاتقها محاربة ظاهرتي الإرهاب والفساد، فالإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة الهدف منها النيل من موارد الدولة البشرية والاقتصادية وفوق هذا وذاك قتل روح الانتماء لدى المواطن.


ولعل أشهر السخافات التي تروج لها بعض التغريدات المشبوهة هو ربط قضايا محاربة الإرهاب والفساد بالسياسة، فنجدهم وقد بدأوا يسبغون على كل قضية فساد ستاراً سياسياً لإبعاد الأنظار عن السبب الحقيقي والجوهري للجرم المقترف، ولأن بعض المتابعين لا يدققون ولا يعلمون كثيراً في دهاليز السياسة وثقافة الطابور الخامس وألاعيبهما، لذا فقد يسهل على البعض منهم الاغترار بتلك المبررات بل والشعور بوجاهتها ومصداقيتها، وما بين مصدق ومكذب ومتردد تتوه الحقائق وتحدث البلبلة ويقل وقع الوقائع الدامغة.

من المؤكد أن الخطة التي تعتمدها الدولة لحماية مواطنيها ومواردها تتزامن وتترافق مع حقبة جديدة من الإصلاحات التي تسعى لكشف البؤر الإرهابية وتجفيف منابعها والقضاء على الفساد بكافة صوره وأشكاله، ويستثير هذا الوجه الجديد الشفاف للمملكة حنق البعض من الراغبين في الصيد في الماء العكر، والذين يتناسون ويتجاهلون أن الدولة لا تأخذ بالظن والشبهة، ولا تتخذ أي إجراء عقابي إلا بعد تيقنها من توافر جميع البراهين والأدلة الدامغة على تورط شبكات الفساد أو الإرهاب بما لا يحمل مجالاً للشك، وهي تقوم بأنشطتها بشكل احترافي منعاً لإلصاق التهم جزافاً بالأبرياء أو رميهم بالفساد زوراً وبهتاناً، فهدف الدولة ليس إشاعة الذعر في المجتمع، بل هدفها حماية موارد الدولة وممتلكات الشعب ليتمكن البلد من أن يتبوأ المكانة العظيمة التي يستحقها.

يسعى البعض لتصوير بعض الإرهابيين الذين يحاولون زرع بذور الفتنة من خلال بعض التغريدات المسيئة وكذلك المنخرطين في قضايا الفساد على أنهم أصحاب رأي ومبدأ، وأنه يتم التضييق عليهم بغرض إسكات أصواتهم وقمعهم ومنعهم من التعبير عن آرائهم، ولكن شتان ما بين أصحاب الرأي ومدعي الإصلاح ممن يحملون أجندات مشبوهة لخدمة أطراف خارجية، تسعى لزعزعة أمن المملكة وتوسيع هوة الخلاف والنزاع بين صفوف المواطنين، فالفئة الأولى مرحب بها في إطار الالتزام بالقانون العام والأعراف التي يلتزم بها الجميع في كل دول العالم، في الوقت الذي يعد فيه الحد من أنشطة الفئة الثانية مطلباً شعبياً، كون هذه الفئة مدلسة وكاذبة وتسعى للتلاعب بالعقول وتعريض الأمن القومي للمملكة للخطر.

لا شك في أن لكل نجاح كارهين يسعون للتقليل منه والاستخفاف بنتائجه مهما كانت واضحة وجلية ولا ينكرها سوى كاذب أو حاقد، فالنجاح يثير مكامن البُغض الخفية داخل بعض النفوس ويستثيرها لتخرج مكنونها الخبيث في وجه الجميع، والنجاح الباهر الذي حققته المملكة على طريق الإصلاح أثار حقد البعض ونقمتهم، ومن المؤكد أن الإنجازات العظيمة التي حققتها الدولة مؤخراً في مجالي مكافحة الإرهاب والفساد هدم حصون الحاقدين، فانطلقوا ينتقدونها معتقدين أن أصواتهم قد تؤذي الشرفاء وتثير البلبلة وتقلل من هالة النجاح التي تحققت، غير أنه من المؤكد أن النجاح الميداني على أرض الواقع قادر على دحض كافة الأكاذيب مهما بلغت، وقد أصبحت الإنجازات التي لمسها كل مواطن بالفعل أقوى من زيف أي ادعاء أو كذب أي حاقد.